مكافحة الفساد تبدو عملية انتقائية قائمة على تصفية الحسابات السياسية

وال-ترك وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لبنان بعدما جال في ربوعه السياحية المميزة وأوصل رسائل "شديدة اللهجة" من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى بيروت. هذه المرة، لم تغلّف واشنطن رسائلها السياسية الواضحة بأي قفازات: الادارة الأميركية عازمة على مواجهة ايران وحزب الله. وهذا الأخير يستغل أموال اللبنانيين ويعرض النموذج اللبناني للخطر. موقف أميركي ينسجم مع سياسة واشنطن "التقليدية" إزاء لبنان، قابله رد لبناني "تقليدي" هو الآخر، من حيث تأكيد المسؤولين اللبنانيين أمام الزائر الأميركي أن حزب الله مكون لبناني حاضر في الحكومة ومجلس النواب على السواء.

غير أن مقاربة جولة بومبيو في بيروت من هذه الزاوية، لا تنفي أنها ستترك تداعيات على المشهد اللبناني، خصوصا أنها تزامنت مع اتخاذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرار الاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان. قرار "تصعيدي" لم تتأخر أصوات لبنانية في الاحتجاج عليه، بوصفه ضربة قاتلة لمساعي السلام في المنطقة.

وفي السياق، اعتبر الرئيس أمين الجميل في حديث لـ "المركزية" أن "زيارة الوزير بومبيو إلى بيروت أججت الصراع الداخلي اللبناني وخلّفت سجالات كان لبنان في غنى عنها، وهي التي تزامنت مع كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الجولان".

وأشار الجميل إلى أن "قرار الرئيس ترامب يتناقض مع جهود المجتمع الدولي للسلام في سوريا وفي المنطقة كما يتناقض مع القرارات الدولية ذات الصلة"، متسائلا: "إذا كانت الدول الكبرى ستناقض القرارات الدولية بهذا الشكل، ماذا سيبقى من مصداقية للأمم المتحدة صاحبة هذه القرارات؟ ".

وشدد الرئيس الجمييّل على ضرورة أن يتخذ لبنان موقفا واضحا من هذه المسألة ما دامت الجولان أرضا سورية". لا سيّما أن للبنان أراضٍ محتلّة في جنوبه وأن التساهل في هذا الأمر يفتح المجال للتعاطي بمشكلة هذه الآراضي المحتلّة بنفس الطريقة".

ولفت إلى أن "السلام لايقوم إلا على احترام الشرعية الدولية وقراراتها وحقوق الدول المعترف بها، ومشاعر شعوبها. وكل مسعى لا يسير في هذا الاتجاه لا يصبّ في إطار الإستقرار والسلام الإقليميين."

على صعيد آخر، علق الجميّل على العزم الذي يبديه مختلف الأفرقاء على "مكافحة الفساد". فاعتبر أن "هذا المسار غير مقنع، وهو ما يجعل مكافحة الفساد مجرد شعار"، فيما المطلوب تأمين "الحوكمة الرشيدة".

واستنكر "كون مكافحة الفساد أحياناً، تبدو مجرد عملية انتقائية قائمة على تصفية الحسابات السياسية والانتقامات، مشددا على أن بلوغ الحوكمة الرشيدة يتطلب شعورا من المعنيين بالمسؤولية تجاه الناس والوطن، إضافة إلى تفعيل المؤسسات الرقابية الضامنة للشفافية ، مثل ديوان المحاسبة ومجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي، وغيرها من المؤسسات الضامنة لإستقرار الإدارة اللبنانية، ومعظمها معطّل في الوقت الحاضر.