عبد الساتر في قداس التولية: لن أجلس فوق العروش وأولوية عملي الانسان
وال-إحتفل الرئيس الجديد لأساقفة بيروت المطران بولس عبد الساتر، قبل ظهر اليوم، بقداس التولية في كاتدرائية مار جرجس في بيروت، يحيط به النائب البطريركي المطران حنا علوان ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الرئيس السابق لأساقفة بيروت المطران بولس مطر، النائب الأسقفي للشؤون القانونية في الأبرشية المونسنيور إغناطيوس الأسمر والنائب الأسقفي للشؤون الراعوية المونسنيور أنطوان عساف.
حضر القداس الوزير منصور بطيش ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، النائب هنري حلو ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب هنري شديد ممثلا رئيس مجلس الوزراء الاستاذ سعد الحريري، الرئيس أمين الجميل، الرئيس حسين الحسيني، نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حصباني، الوزيران مي شدياق وريشار قيومجيان والنواب: ماريو عون، عماد واكيم، الياس حنكش، آلان عون، سيزار أبي خليل، نقولا الصحناوي، نديم الجميل، ايدي أبي اللمع، نقولا نحاس، جان تالوزيان، الوزراء السابقون جو سركيس، ميشال فرعون، روني عريجي، غطاس خوري، منى عفيش، ادمون رزق، دميانوس قطار، زياد بارود ونائب رئيس حزب الكتائب سليم الصايغ، العميد جورج الخوري ممثلا قائد الجيش العماد جوزف عون، مدير الدرك العميد مروان سليلاتي ممثلا المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المقدم روني صفير ممثلا المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، العميد الركن روبير جاسر ممثلا المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية، المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك، مدير الإعلام في القصر الجمهوري رفيق شلالا، مستشار الرئيس الحريري داود الصايغ، منى الهراوي.
كما حضر عدد من المطارنة ومن بينهم مطران بيروت للروم الكاثوليك جورج بقعوني، السفير البابوي جوزف سبيتري، الامين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، رئيس الجامعة اليسوعية البروفسور سليم دكاش، رئيس جامعة الحكمة الأب خليل شلفون وعدد من الأباء العامين ورؤساء جامعات ومدراء الهيئات التربوية والأكاديمية واللجان الراعوية في الأبرشية واللجان الراعوية ورعايا الأبرشية والمجلس الماروني العام والرابطة المارونية والمؤسسة المارونية للإنتشار.
وفور دخول الأسقف الجديد والمطران مطر والكهنة بدأت مراسم التسليم والتسلم.
المطران مطر
وألقى المطران مطر بداية كلمة جاء فيها: "يسعدنا يا صاحب المعالي أن تشاركوا معنا باسم فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المحترم في هذا القداس الإلهي الذي يقيمه سيادة أخينا الحبيب رئيس أساقفة بيروت الجديد المطران بولس عبدالساتر السامي الاحترام، في مناسبة توليته الرسمية راعيا لأبرشية بيروت، هذه الأبرشية التي تفخر بأن يكون فخامته أعز أبنائها. وإننا نسأل الله لفخامته، وسط هذه الظروف الصعبة التي يجتازها لبنان والمنطقة والعالم، أن يمده بعونه ويرعاه بعين عنايته ليقود سفينة الوطن، بأبوته الجامعة ومحبته الصافية، إلى شاطئ الاستقرار والأمن والسلام. وإننا نشكر من صميم القلب دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري لتلطفه بإرسال ممثل عنه بشخص النائب الأستاذ هنري حلو، ودولة رئيس مجلس الوزراء لتلطفه بإرسال ممثل عنه بشخص النائب الأستاذ هنري شديد. هذا في ما قلوبنا مملوءة فرحا لقدوم مطراننا الجديد فنهتف من أجله قائلين: "مبارك الآتي باسم الرب". إن الروح القدس هو الذي دعاه واصطفاه بواسطة مجمعنا المقدس ليرعى كنيسة الله التي في بيروت ومحيطها ويفتح أمامها سبل الخلاص".
أضاف: "هذه هي كنيسة المسيح، يتوالى فيها الرعاة واحدا بعد واحد، بالتسلسل غير المنقطع من بطرس والاثني عشر، إلى يومنا هذا، وإلى آخر الدهر عند رجوعه الأخير. هم يقومون بالخدمة الأسقفية ردحا من الزمن، ويمارسون مهمة التعليم والتقديس والتدبير لبنيان الكنيسة وخلاص النفوس، ويشهدون لمحبة الرب في العالم ولرحمته التي لا حد لها، على رجاء أن ينالوا المكافأة من رب المكافآت. أما المسيح فهو وحده باق، أمس واليوم وإلى الأبد. لهذا يقول رسول الأمم: "إذا زرع بولس في الكنيسة وإن سقى بالماء من جاء بعده، فإن الرب هو الذي ينمي". وفي ما يعود إلى خدمتي الكهنوتية والأسقفية التي دامت أربعة وخمسين عاما إلى الآن، فإنها كانت لي النعمة الكبرى والنصيب الذي لا نصيب مثله في الأرض. فمن له أن يقدر العطية التي يمنحها المسيح حق قدرها، عندما يكلف بشرا ضعيفا برعاية جزء من شعبه ليقوده بنعمة الروح إلى المراعي الروحية الخصيبة، ويظهر معهم للناس رحمته ويخدم وإياهم المصالحة الكبرى التي أجراها بدمه على الصليب بين الخالق والخليقة وبين الشعوب والشعوب حتى أقاصي الأرض ونهاية التاريخ؟ ولقد أعلن الإنجيل الطاهر عن مشروع الله هذا حين قال: "إن مشيئة الله القائمة منذ الأزل هي في أن يجمع كل أبنائه المشتتين إلى واحد".
وأردف: "على هذه الروح المسيحية الصافية توكلت كنيستنا المارونية منذ نشأتها لترفع لواء العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين في هذا الوطن وفي كل الشرق، وعلى هذه الروح توكل سلفنا الصالح الذكر المطران يوسف الدبس باني الحكمة ورافع هذه الكاتدرائية التي تظللنا اليوم، ليطلق روح الميثاق الوطني عبر التلاقي الحضاري والثقافي المميز بين مكونات لبنان منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وعلى هذه الروح توكل سلفنا الصالح الذكر المطران اغناطيوس مبارك بعد الحرب العالمية الأولى ليعيد بناء ما تهدم في أبرشيته بشرا وحجرا ويصوغ من جديد مع أبنائه ومع جميع اللبنانيين حلم لبنان الذي ينهض كطائر الفينيق من رماده لأنه لا يموت. كذلك أيضا ألهمنا الرب بالروح عينه وقد أرسلنا إلى رعاية الأبرشية بعد انتهاء الحرب الأخيرة على أرض لبنان. فوضعنا نصب عيوننا عودة العائلة اللبنانية إلى وحدتها وصفاء حياتها. وقد أقمنا لذلك جسور المحبة بين كل أطياف لبنان المتواجدين على أرض الأبرشية. وكان لأبنائنا موقفهم الإيماني الرائع بالعزم على إعادة بناء كنائسهم وترميمها في ضيعهم كافة ومن دون استثناء. فشيدوا ونحن إلى جانبهم خمسا وأربعين كنيسة جديدة ورمموا أكثر من ستين كنيسة بما فيها هذه الكاتدرائية بالذات التي مد لها يد العون نخبة من أبنائنا البررة، كافأهم الله خيرا على سخاء قلوبهم. وفي كل ذلك كان رجاؤنا وطيدا بأن عودة لبنان إلى أصالته تسير في الاتجاه المرتجى للتاريخ الإنساني المبني على التلاقي والحوار والمحبة، على ما أكده الإرشاد الرسولي للبابا القديس يوحنا بولس الثاني، وقد أعطانا إياه بعنوان: "المسيح رجاؤنا. بروحه نتجدد ومعا للمحبة نشهد". وهو الذي أكد دور لبنان في العالم مقدما إياه كرسالة للشرق وللغرب معا بالحرية والعيش الواحد الكريم".
وتابع مطر: "ومن أجل عودة الرعايا إلى العمل في كل مناطقنا كان لنا اهتمام خاص بالدعوات الكهنوتية. ووفقنا الله بفيض من نعمه فرسمنا للأبرشية أكثر من تسعين كاهنا انضموا إلى العمل في حقل الرب بهمة رسولية كبرى. وطورنا خدمة الإنجيل عبر التربية والثقافة، إلى جانب ما عندنا من مدارس ومؤسسات، بفعل إطلاقة جديدة لجامعة الحكمة التي بنينا لها صروحا حديثة وعقدنا العزم على أن تكون خدمتها روحية وإنسانية قبل أن تكون علمية بحتة أو حتى اجتماعية. وبروح الجامعة هذه انطلقنا للمشاركة في الحوارات الدينية في لبنان ومنطقة الشرق وصولا إلى العالم الغربي بعواصمه الكبرى، رافضين التقوقع ومجانبة الآخر، وملتمسين الموعظة الحسنة والمحبة الصادقة من أجل إعادة وصل ما انقطع عبر الزمن بين المسيحيين والمسلمين وما بين المسيحيين أنفسهم. إنها من دون شك مهمة صعبة، لكنها تجلب الطمأنينة إلى النفوس، والفرح إلى القلوب. وإذا ما تعثرت الأمور في هذا المجال على مستوى السعي البشري، يبقى لنا على الدوام اللجوء إلى الصلاة وإلى التضرع، من أجل نجاح التلاقي وتثبيته. وإن كانت لي من أمنية عزيزة أصوغها إلى أهل وطني وأبناء كنيستي فإني أقولها لهم بأن تمسكوا بالمحبة فهي حجر الزاوية لخلاص لبنان ولمستقبل المنطقة المحيطة بأسرها.
وختم: "والآن، وبعد ثلاثة وعشرين عاما من الخدمة الأسقفية يريدني الرب بصوت كنيستي أن أكمل الرسالة عبر الصلاة من أجلها ومن أجل الأبرشية، كما يفعل قداسة البابا بندكتس في حياته الجديدة، وأن أساهم في أي عمل يطلبه مني الرؤساء لتمجيد الله وبنيان الكنيسة.
هكذا وبالفرح العامر نستقبلك مع جميع المؤمنين يا صاحب السيادة أسقفا لأبرشيتنا، وراعيا غيورا ومحبا باسم الرب يسوع له المجد وله الشكر أبد الدهور. لقد كنت معنا كاهنا متفانيا بدون حدود، ومعك جميع الكهنة والرهبان والراهبات العاملين فيها بروح رسولية مباركة. واليوم أنت الحبر المنتخب من الله لرعاية قطيعه في الأبرشية عينها فلك منا كل المحبة وكل الصلاة لتوفق في قيادتها عبر معارج هذا الدهر إلى اكتمال الملكوت. وأنهي كلمتي حيث أنا متيقن من أنك ستبدأ، في الشكر لله على عطيته للكنيسة عبر شخص قداسة البابا فرنسيس الذي وجه إلى المسيحيين بخاصة وإلى العالم كله رسالة بأن الإنسانية لا تستقيم ولا التاريخ يأخذ مجراه ومعناه إلا بخدمة الفقراء الذين هم الحلقة الأضعف على سطح الأرض. إنهم ميزان الدنيا المفتداة بدم المسيح. فإذا كانوا بالحسبان اصطلحت الدنيا وإن أسقطوا من الحساب سقطت معهم البشرية كلها. إنك ستعمل بكل طاقتك من أجل أن يبشر المساكين كما أرسل الرب يقول للمعمدان في سجنه. فاحمل يا بولس عصا الرعاية، إنها لك من المسيح ونحن من أجلك هاتفون: "هلم بسلام أيها الراعي الصالح ولك منا المحبة والصلاة ما حيينا".
الرقيم البطريركي
والقى المطران علوان الرقيم البطريركي وجاء فيه: "البركة الأبوية تشمل أبناءنا وبناتنا الأعزاء: كهنة أبرشية بيروت ورهبانها وراهباتها وسائر المؤمنين الأعزاء، وجمهور المشاركين في الاحتفال بقداس التولية المحترمين.
تستقبلون في هذا الأحد المبارك راعيكم الجديد، سيادة أخينا المطران بولس عبد الساتر الذي تعاونا معه لمدة أربع سنوات كمعاون ونائب بطريركي، مشرف على الشؤون المالية والاقتصادية، فضلا عن مهمات كنسية وراعوية أخرى. فوجدنا فيه وجه الأسقف الغيور، الرصين، المخلص، والمحب. وتنطبق عليه كلمة القديس أغسطينوس لأبناء أبرشيته في يوم توليته: "أنا معكم مسيحي ومن أجلكم أسقف".
يتسلم عصا الرعاية من يد سيادة أخينا المطران بولس مطر السامي الاحترام، الذي قاد الأبرشية بحكمة ومحبة راعوية وتفان وحضور فاعل منذ سنة 1996، بعد أن كان معاونا ونائبا بطريركيا للمثلث الرحمة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير لمدة خمس سنوات. في سني خدمته الراعوية على رأس الأبرشية، طوال ثلاث وعشرين سنة، قام بنهضة عمرانية: فرسم عددا وفيرا من الكهنة، وخصص خيرتهم في جامعات روما وفرنسا وأميركا، ورمم الكنائس المهدمة، وبنى أخرى جديدة مع قاعاتها ومجمعاتها في كل الرعايا، وعزز الدعوات الإكليريكية، ووسع مدارس الحكمة ونظم إداراتها، وطور جامعة الحكمة بحرمها الجديد وكلياتها المتنوعة، واستثمر الأوقاف وأراضي الأبرشية لما يؤول إلى تأمين فرص عمل، وإطلاق حركة إقتصادية استفاد منها المؤمنون. ورسخ أفضل علاقات التعاون الراعوي مع مطارنة بيروت من مختلف الكنائس، والتعاون الديني مع رؤساء الطوائف الإسلامية، وخلق أطيب العلاقات مع رجال السياسة والسلطة وسفراء الدول. فكان في كل ذلك صاحب الكلمة اللطيفة والبناءة، والحضور الدائم والمحب. ولذلك تبقى مشاعر التقدير والصداقة مستمرة معهم جميعا في كل أرجاء الأبرشية. هذا فضلا عن المهمات الكنسية المختلفة التي أسندت إليه على مستوى كنيستنا البطريركية والكرسي الرسولي.
حضر القداس الوزير منصور بطيش ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، النائب هنري حلو ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب هنري شديد ممثلا رئيس مجلس الوزراء الاستاذ سعد الحريري، الرئيس أمين الجميل، الرئيس حسين الحسيني، نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حصباني، الوزيران مي شدياق وريشار قيومجيان والنواب: ماريو عون، عماد واكيم، الياس حنكش، آلان عون، سيزار أبي خليل، نقولا الصحناوي، نديم الجميل، ايدي أبي اللمع، نقولا نحاس، جان تالوزيان، الوزراء السابقون جو سركيس، ميشال فرعون، روني عريجي، غطاس خوري، منى عفيش، ادمون رزق، دميانوس قطار، زياد بارود ونائب رئيس حزب الكتائب سليم الصايغ، العميد جورج الخوري ممثلا قائد الجيش العماد جوزف عون، مدير الدرك العميد مروان سليلاتي ممثلا المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المقدم روني صفير ممثلا المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، العميد الركن روبير جاسر ممثلا المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية، المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك، مدير الإعلام في القصر الجمهوري رفيق شلالا، مستشار الرئيس الحريري داود الصايغ، منى الهراوي.
كما حضر عدد من المطارنة ومن بينهم مطران بيروت للروم الكاثوليك جورج بقعوني، السفير البابوي جوزف سبيتري، الامين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، رئيس الجامعة اليسوعية البروفسور سليم دكاش، رئيس جامعة الحكمة الأب خليل شلفون وعدد من الأباء العامين ورؤساء جامعات ومدراء الهيئات التربوية والأكاديمية واللجان الراعوية في الأبرشية واللجان الراعوية ورعايا الأبرشية والمجلس الماروني العام والرابطة المارونية والمؤسسة المارونية للإنتشار.
وفور دخول الأسقف الجديد والمطران مطر والكهنة بدأت مراسم التسليم والتسلم.
المطران مطر
وألقى المطران مطر بداية كلمة جاء فيها: "يسعدنا يا صاحب المعالي أن تشاركوا معنا باسم فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المحترم في هذا القداس الإلهي الذي يقيمه سيادة أخينا الحبيب رئيس أساقفة بيروت الجديد المطران بولس عبدالساتر السامي الاحترام، في مناسبة توليته الرسمية راعيا لأبرشية بيروت، هذه الأبرشية التي تفخر بأن يكون فخامته أعز أبنائها. وإننا نسأل الله لفخامته، وسط هذه الظروف الصعبة التي يجتازها لبنان والمنطقة والعالم، أن يمده بعونه ويرعاه بعين عنايته ليقود سفينة الوطن، بأبوته الجامعة ومحبته الصافية، إلى شاطئ الاستقرار والأمن والسلام. وإننا نشكر من صميم القلب دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري لتلطفه بإرسال ممثل عنه بشخص النائب الأستاذ هنري حلو، ودولة رئيس مجلس الوزراء لتلطفه بإرسال ممثل عنه بشخص النائب الأستاذ هنري شديد. هذا في ما قلوبنا مملوءة فرحا لقدوم مطراننا الجديد فنهتف من أجله قائلين: "مبارك الآتي باسم الرب". إن الروح القدس هو الذي دعاه واصطفاه بواسطة مجمعنا المقدس ليرعى كنيسة الله التي في بيروت ومحيطها ويفتح أمامها سبل الخلاص".
أضاف: "هذه هي كنيسة المسيح، يتوالى فيها الرعاة واحدا بعد واحد، بالتسلسل غير المنقطع من بطرس والاثني عشر، إلى يومنا هذا، وإلى آخر الدهر عند رجوعه الأخير. هم يقومون بالخدمة الأسقفية ردحا من الزمن، ويمارسون مهمة التعليم والتقديس والتدبير لبنيان الكنيسة وخلاص النفوس، ويشهدون لمحبة الرب في العالم ولرحمته التي لا حد لها، على رجاء أن ينالوا المكافأة من رب المكافآت. أما المسيح فهو وحده باق، أمس واليوم وإلى الأبد. لهذا يقول رسول الأمم: "إذا زرع بولس في الكنيسة وإن سقى بالماء من جاء بعده، فإن الرب هو الذي ينمي". وفي ما يعود إلى خدمتي الكهنوتية والأسقفية التي دامت أربعة وخمسين عاما إلى الآن، فإنها كانت لي النعمة الكبرى والنصيب الذي لا نصيب مثله في الأرض. فمن له أن يقدر العطية التي يمنحها المسيح حق قدرها، عندما يكلف بشرا ضعيفا برعاية جزء من شعبه ليقوده بنعمة الروح إلى المراعي الروحية الخصيبة، ويظهر معهم للناس رحمته ويخدم وإياهم المصالحة الكبرى التي أجراها بدمه على الصليب بين الخالق والخليقة وبين الشعوب والشعوب حتى أقاصي الأرض ونهاية التاريخ؟ ولقد أعلن الإنجيل الطاهر عن مشروع الله هذا حين قال: "إن مشيئة الله القائمة منذ الأزل هي في أن يجمع كل أبنائه المشتتين إلى واحد".
وأردف: "على هذه الروح المسيحية الصافية توكلت كنيستنا المارونية منذ نشأتها لترفع لواء العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين في هذا الوطن وفي كل الشرق، وعلى هذه الروح توكل سلفنا الصالح الذكر المطران يوسف الدبس باني الحكمة ورافع هذه الكاتدرائية التي تظللنا اليوم، ليطلق روح الميثاق الوطني عبر التلاقي الحضاري والثقافي المميز بين مكونات لبنان منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وعلى هذه الروح توكل سلفنا الصالح الذكر المطران اغناطيوس مبارك بعد الحرب العالمية الأولى ليعيد بناء ما تهدم في أبرشيته بشرا وحجرا ويصوغ من جديد مع أبنائه ومع جميع اللبنانيين حلم لبنان الذي ينهض كطائر الفينيق من رماده لأنه لا يموت. كذلك أيضا ألهمنا الرب بالروح عينه وقد أرسلنا إلى رعاية الأبرشية بعد انتهاء الحرب الأخيرة على أرض لبنان. فوضعنا نصب عيوننا عودة العائلة اللبنانية إلى وحدتها وصفاء حياتها. وقد أقمنا لذلك جسور المحبة بين كل أطياف لبنان المتواجدين على أرض الأبرشية. وكان لأبنائنا موقفهم الإيماني الرائع بالعزم على إعادة بناء كنائسهم وترميمها في ضيعهم كافة ومن دون استثناء. فشيدوا ونحن إلى جانبهم خمسا وأربعين كنيسة جديدة ورمموا أكثر من ستين كنيسة بما فيها هذه الكاتدرائية بالذات التي مد لها يد العون نخبة من أبنائنا البررة، كافأهم الله خيرا على سخاء قلوبهم. وفي كل ذلك كان رجاؤنا وطيدا بأن عودة لبنان إلى أصالته تسير في الاتجاه المرتجى للتاريخ الإنساني المبني على التلاقي والحوار والمحبة، على ما أكده الإرشاد الرسولي للبابا القديس يوحنا بولس الثاني، وقد أعطانا إياه بعنوان: "المسيح رجاؤنا. بروحه نتجدد ومعا للمحبة نشهد". وهو الذي أكد دور لبنان في العالم مقدما إياه كرسالة للشرق وللغرب معا بالحرية والعيش الواحد الكريم".
وتابع مطر: "ومن أجل عودة الرعايا إلى العمل في كل مناطقنا كان لنا اهتمام خاص بالدعوات الكهنوتية. ووفقنا الله بفيض من نعمه فرسمنا للأبرشية أكثر من تسعين كاهنا انضموا إلى العمل في حقل الرب بهمة رسولية كبرى. وطورنا خدمة الإنجيل عبر التربية والثقافة، إلى جانب ما عندنا من مدارس ومؤسسات، بفعل إطلاقة جديدة لجامعة الحكمة التي بنينا لها صروحا حديثة وعقدنا العزم على أن تكون خدمتها روحية وإنسانية قبل أن تكون علمية بحتة أو حتى اجتماعية. وبروح الجامعة هذه انطلقنا للمشاركة في الحوارات الدينية في لبنان ومنطقة الشرق وصولا إلى العالم الغربي بعواصمه الكبرى، رافضين التقوقع ومجانبة الآخر، وملتمسين الموعظة الحسنة والمحبة الصادقة من أجل إعادة وصل ما انقطع عبر الزمن بين المسيحيين والمسلمين وما بين المسيحيين أنفسهم. إنها من دون شك مهمة صعبة، لكنها تجلب الطمأنينة إلى النفوس، والفرح إلى القلوب. وإذا ما تعثرت الأمور في هذا المجال على مستوى السعي البشري، يبقى لنا على الدوام اللجوء إلى الصلاة وإلى التضرع، من أجل نجاح التلاقي وتثبيته. وإن كانت لي من أمنية عزيزة أصوغها إلى أهل وطني وأبناء كنيستي فإني أقولها لهم بأن تمسكوا بالمحبة فهي حجر الزاوية لخلاص لبنان ولمستقبل المنطقة المحيطة بأسرها.
وختم: "والآن، وبعد ثلاثة وعشرين عاما من الخدمة الأسقفية يريدني الرب بصوت كنيستي أن أكمل الرسالة عبر الصلاة من أجلها ومن أجل الأبرشية، كما يفعل قداسة البابا بندكتس في حياته الجديدة، وأن أساهم في أي عمل يطلبه مني الرؤساء لتمجيد الله وبنيان الكنيسة.
هكذا وبالفرح العامر نستقبلك مع جميع المؤمنين يا صاحب السيادة أسقفا لأبرشيتنا، وراعيا غيورا ومحبا باسم الرب يسوع له المجد وله الشكر أبد الدهور. لقد كنت معنا كاهنا متفانيا بدون حدود، ومعك جميع الكهنة والرهبان والراهبات العاملين فيها بروح رسولية مباركة. واليوم أنت الحبر المنتخب من الله لرعاية قطيعه في الأبرشية عينها فلك منا كل المحبة وكل الصلاة لتوفق في قيادتها عبر معارج هذا الدهر إلى اكتمال الملكوت. وأنهي كلمتي حيث أنا متيقن من أنك ستبدأ، في الشكر لله على عطيته للكنيسة عبر شخص قداسة البابا فرنسيس الذي وجه إلى المسيحيين بخاصة وإلى العالم كله رسالة بأن الإنسانية لا تستقيم ولا التاريخ يأخذ مجراه ومعناه إلا بخدمة الفقراء الذين هم الحلقة الأضعف على سطح الأرض. إنهم ميزان الدنيا المفتداة بدم المسيح. فإذا كانوا بالحسبان اصطلحت الدنيا وإن أسقطوا من الحساب سقطت معهم البشرية كلها. إنك ستعمل بكل طاقتك من أجل أن يبشر المساكين كما أرسل الرب يقول للمعمدان في سجنه. فاحمل يا بولس عصا الرعاية، إنها لك من المسيح ونحن من أجلك هاتفون: "هلم بسلام أيها الراعي الصالح ولك منا المحبة والصلاة ما حيينا".
الرقيم البطريركي
والقى المطران علوان الرقيم البطريركي وجاء فيه: "البركة الأبوية تشمل أبناءنا وبناتنا الأعزاء: كهنة أبرشية بيروت ورهبانها وراهباتها وسائر المؤمنين الأعزاء، وجمهور المشاركين في الاحتفال بقداس التولية المحترمين.
تستقبلون في هذا الأحد المبارك راعيكم الجديد، سيادة أخينا المطران بولس عبد الساتر الذي تعاونا معه لمدة أربع سنوات كمعاون ونائب بطريركي، مشرف على الشؤون المالية والاقتصادية، فضلا عن مهمات كنسية وراعوية أخرى. فوجدنا فيه وجه الأسقف الغيور، الرصين، المخلص، والمحب. وتنطبق عليه كلمة القديس أغسطينوس لأبناء أبرشيته في يوم توليته: "أنا معكم مسيحي ومن أجلكم أسقف".
يتسلم عصا الرعاية من يد سيادة أخينا المطران بولس مطر السامي الاحترام، الذي قاد الأبرشية بحكمة ومحبة راعوية وتفان وحضور فاعل منذ سنة 1996، بعد أن كان معاونا ونائبا بطريركيا للمثلث الرحمة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير لمدة خمس سنوات. في سني خدمته الراعوية على رأس الأبرشية، طوال ثلاث وعشرين سنة، قام بنهضة عمرانية: فرسم عددا وفيرا من الكهنة، وخصص خيرتهم في جامعات روما وفرنسا وأميركا، ورمم الكنائس المهدمة، وبنى أخرى جديدة مع قاعاتها ومجمعاتها في كل الرعايا، وعزز الدعوات الإكليريكية، ووسع مدارس الحكمة ونظم إداراتها، وطور جامعة الحكمة بحرمها الجديد وكلياتها المتنوعة، واستثمر الأوقاف وأراضي الأبرشية لما يؤول إلى تأمين فرص عمل، وإطلاق حركة إقتصادية استفاد منها المؤمنون. ورسخ أفضل علاقات التعاون الراعوي مع مطارنة بيروت من مختلف الكنائس، والتعاون الديني مع رؤساء الطوائف الإسلامية، وخلق أطيب العلاقات مع رجال السياسة والسلطة وسفراء الدول. فكان في كل ذلك صاحب الكلمة اللطيفة والبناءة، والحضور الدائم والمحب. ولذلك تبقى مشاعر التقدير والصداقة مستمرة معهم جميعا في كل أرجاء الأبرشية. هذا فضلا عن المهمات الكنسية المختلفة التي أسندت إليه على مستوى كنيستنا البطريركية والكرسي الرسولي.