بركات يحدّد الأولويات الاقتصادية "الأساسية" أمام أي حكومة مقبلة
وال-اعتبر المدير العام المساعد ورئيس قسم الأبحاث لدى بنك عودة الدكتور مروان بركات أن "استقالة الحكومة المفاجئة وسط احتجاجات شعبية واسعة النطاق، قد تشكل خرقاً جدّياً في جدار الأزمة السياسية الأخيرة التي استعرت في 17 تشرين الأول الفائت".
وقال لـ"المركزية": إن الآمال معلّقة على تشكيل حكومة تكنوقراط، أو على الأقل حكومة مطعّمة إلى حدّ كبير بشخصيّات تكنوقراط، ذات مصداقية تستجيب لطموحات الشعب اللبناني في ما يتعلق بإطلاق عجلة الإصلاحات الهيكلية، ومكافحة الفساد وتعزيز أطر المحاسبة والحوكمة للدولة اللبنانية. وعلى رغم التحديات المختلفة التي تلوح في الأفق، لا يزال في إمكان هكذا حكومة عتيدة استعادة الثقة وإطلاق إشارات طمأنينة مطلوبة للأسواق والمودعين والمستثمرين بشكل عام.
أضاف: في هذا السياق، يتعيّن على الحكومة العتيدة أن تتعامل مع ثلاث قضايا رئيسية وهي: أولاً، تصحيح الاختلالات الخارجية التي تضخّمت نتيجة التراجع الملحوظ في حركة الأموال الوافدة. ثانياً، تصحيح الاختلالات القائمة على صعيد المالية العامة التي وعلى رغم تحسّنها النسبي في العام 2019 إلا أنها لا تزال غير قابلة للاستدامة. ثالثاً، إعادة النمو الاقتصادي وخلق الوظائف، بعد انتقال الاقتصاد الوطني حالياً من حلقة النمو المنخفض إلى وضعية الركود التي تؤثر على جميع قطاعات النشاط الاقتصادي.
- أولاً، في ما يتعلق بالتصحيح المطلوب على مستوى القطاع الخارجي، تجدر الإشارة إلى أنه من المتوقع أن يصل عجز ميزان المدفوعات إلى مستوى قياسي هذا العام قد يتجاوز ما نسبته 15٪ من الناتج المحلي الإجمالي في سياق عجز تجاري يقدّر بنسبة 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي في ظل تراجع ملحوظ في حركة الأموال الوافدة بنسبة 34٪ خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام. عليه، فإن الأولوية تكمن هنا في إعادة تحفيز التدفقات المالية الوافدة وخفض الواردات وتعزيز الصادرات. مع الإشارة إلى ان حركة الأموال الوافدة ترتبط بضمان مناخ من الاستقرار السياسي والاقتصادي لاستعادة الثقة من جديد. في موازاة ذلك، من الضروري اتخاذ تدابير لتعزيز الإنتاج المحلي من خلال تحفيز السلع الموجهة نحو التصدير والسلع البديلة للاستيراد للحدّ من العجز التجاري القائم. في هذا السياق، من المهم تحسين وتوسيع نطاق البرامج القائمة لدعم الصادرات واستحداث برامج تحفيزية جديدة وحملات ترويجية تتوجه نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية والتي تتمتع بنسب متدنية من الاستثمار إلى القيمة المضافة الناجمة عنه.
- ثانياً، تصحيح اختلالات المالية العامة يعدّ أمراً ملحّاً. إذ لا يمكن للبنان أن يحافظ على استقراره النقدي والمالي مع نسبة مديونية تصل إلى 150٪ من الناتج وهي ثالث أعلى نسبة في العالم، ومع نسبة في العجز المالي العام تناهز 8٪ من الناتج وهي بين العشر الأول في العالم. من هنا ينبغي القول إنه على رغم الاختلالات المالية الملحوظة القائمة في لبنان حالياً، ما زالت المخارج متاحة إذا تمّ اتخاذ تدابير وخيارات جذرية. لقد كان هناك بعض الجهود في ما يتعلّق بإقرار الموازنة العامة وخطة إصلاح قطاع الكهرباء لكنها بالتأكيد ليست كافية بحدّ ذاتها إذ يجب أن تترافق مع مزيد من التقدّم على مسار الإصلاحات الهيكلية لاسيما على صعيد التقشف في الإنفاق العام إلى تعزيز نسب تعبئة الموارد وتحفيز تحصيل مداخيل الدولة. عليه، نحن نرى بأنه إذا تم تنفيذ إصلاحات جذرية وبشكل ملائم على صعيد المالية العامة يمكن بالتالي أن ينتقل لبنان إلى مرحلة الاحتواء التدريجي للمخاطر الكامنة كشرط أساسي للنهوض الاقتصادي على المدى المتوسط والطويل الأجل.
- ثالثًا، يُعدّ تعزيز النمو الاقتصادي وخلق الوظائف أمرًا جوهرياً لملاقاة المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية في ضوء التظاهرات الشعبية التي اندلعت منذ منتصف شهر تشرين الأول. فقد بلغ معدل النمو الاقتصادي 0.2٪ هذا العام وفق توقعات صندوق النقد الدولي وذلك قبيل الاحتجاجات الشعبية الأخيرة، ومن المتوقع أن يكون سلبياً في العام المقبل. إلا أن تحليلاً دقيقاَ لمتطلبات القطاع الحقيقي والقطاع المالي يشير إلى أن تعزيز نسب النمو الاقتصادي ممكن تقنياً في المدى المنظور، غير أنه يتطلب مناخاً سياسياً داعماً وإطلاق عجلة الإصلاحات الهيكلية المرجوة لتحفيز الطلب على السلع والخدمات، وتعزيز التنافسية للاقتصاد اللبناني إلى جانب تحسين عامل الثقة بشكل عام. من هنا، فإن المفتاح الأساس يكمن في تحفيز الطلب الخاص لاسيما وأن الطلب العام عرضة للانكماش في سياق متطلبات التصحيح المرجو على صعيد المالية العامة. إن التحدي المحوري الآخر في سبيل تحفيز النمو يكمن في تحفيز الاستثمارات الخاصة، مع الإشارة إلى أن الاستثمار له التأثير الأكبر على النمو الاقتصادي الكلي من خلال مفعول مضاعف الاستثمار بشكل عام. فلبنان بحاجة إلى رفع نسبة الاستثمار الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي من أدنى مستوياتها خلال عشرين عاماً والبالغة أقلّ من 20٪. تجدر الإشارة إلى أن نمو الاستثمار يعزّز مكوّن العمالة في النمو الاقتصادي والذي يتطلّب خلق وظائف جديدة لاستيعاب أكثر من 30,000 لبناني ينضمون كل سنة إلى القوى العاملة في لبنان. في هذا السياق، تبرز معضلة خلق الوظائف في لبنان من بين القضايا الأساسية نظراً إلى أن معدل البطالة تضاعف ليتجاوز 25% مؤخراً. ويرتبط تحفيز الاستثمار الخاص بتحسن بيئة الأعمال من خلال تخفيض التكاليف التشغيلية وتحسين سهولة مزاولة الأعمال في لبنان.
وختم بركات: إن اعتماد وتطبيق سياسات تستجيب للمطالب الشعبية على كافة الصُعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالترافق مع إطلاق عجلة الإصلاحات التي طال انتظارها، قد تحدّ من الاختلالات القائمة وعناصر الهشاشة في الاقتصاد اللبناني، وتوفّر دعماً نسبياً للوضع المالي والنقدي، وتؤمّن الانتقال السَلِس من حقبة الوهن الاقتصادي إلى حقبة التحسّن التدريجي في مستوى المعيشة والرفاه بشكل عام.
وقال لـ"المركزية": إن الآمال معلّقة على تشكيل حكومة تكنوقراط، أو على الأقل حكومة مطعّمة إلى حدّ كبير بشخصيّات تكنوقراط، ذات مصداقية تستجيب لطموحات الشعب اللبناني في ما يتعلق بإطلاق عجلة الإصلاحات الهيكلية، ومكافحة الفساد وتعزيز أطر المحاسبة والحوكمة للدولة اللبنانية. وعلى رغم التحديات المختلفة التي تلوح في الأفق، لا يزال في إمكان هكذا حكومة عتيدة استعادة الثقة وإطلاق إشارات طمأنينة مطلوبة للأسواق والمودعين والمستثمرين بشكل عام.
أضاف: في هذا السياق، يتعيّن على الحكومة العتيدة أن تتعامل مع ثلاث قضايا رئيسية وهي: أولاً، تصحيح الاختلالات الخارجية التي تضخّمت نتيجة التراجع الملحوظ في حركة الأموال الوافدة. ثانياً، تصحيح الاختلالات القائمة على صعيد المالية العامة التي وعلى رغم تحسّنها النسبي في العام 2019 إلا أنها لا تزال غير قابلة للاستدامة. ثالثاً، إعادة النمو الاقتصادي وخلق الوظائف، بعد انتقال الاقتصاد الوطني حالياً من حلقة النمو المنخفض إلى وضعية الركود التي تؤثر على جميع قطاعات النشاط الاقتصادي.
- أولاً، في ما يتعلق بالتصحيح المطلوب على مستوى القطاع الخارجي، تجدر الإشارة إلى أنه من المتوقع أن يصل عجز ميزان المدفوعات إلى مستوى قياسي هذا العام قد يتجاوز ما نسبته 15٪ من الناتج المحلي الإجمالي في سياق عجز تجاري يقدّر بنسبة 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي في ظل تراجع ملحوظ في حركة الأموال الوافدة بنسبة 34٪ خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام. عليه، فإن الأولوية تكمن هنا في إعادة تحفيز التدفقات المالية الوافدة وخفض الواردات وتعزيز الصادرات. مع الإشارة إلى ان حركة الأموال الوافدة ترتبط بضمان مناخ من الاستقرار السياسي والاقتصادي لاستعادة الثقة من جديد. في موازاة ذلك، من الضروري اتخاذ تدابير لتعزيز الإنتاج المحلي من خلال تحفيز السلع الموجهة نحو التصدير والسلع البديلة للاستيراد للحدّ من العجز التجاري القائم. في هذا السياق، من المهم تحسين وتوسيع نطاق البرامج القائمة لدعم الصادرات واستحداث برامج تحفيزية جديدة وحملات ترويجية تتوجه نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية والتي تتمتع بنسب متدنية من الاستثمار إلى القيمة المضافة الناجمة عنه.
- ثانياً، تصحيح اختلالات المالية العامة يعدّ أمراً ملحّاً. إذ لا يمكن للبنان أن يحافظ على استقراره النقدي والمالي مع نسبة مديونية تصل إلى 150٪ من الناتج وهي ثالث أعلى نسبة في العالم، ومع نسبة في العجز المالي العام تناهز 8٪ من الناتج وهي بين العشر الأول في العالم. من هنا ينبغي القول إنه على رغم الاختلالات المالية الملحوظة القائمة في لبنان حالياً، ما زالت المخارج متاحة إذا تمّ اتخاذ تدابير وخيارات جذرية. لقد كان هناك بعض الجهود في ما يتعلّق بإقرار الموازنة العامة وخطة إصلاح قطاع الكهرباء لكنها بالتأكيد ليست كافية بحدّ ذاتها إذ يجب أن تترافق مع مزيد من التقدّم على مسار الإصلاحات الهيكلية لاسيما على صعيد التقشف في الإنفاق العام إلى تعزيز نسب تعبئة الموارد وتحفيز تحصيل مداخيل الدولة. عليه، نحن نرى بأنه إذا تم تنفيذ إصلاحات جذرية وبشكل ملائم على صعيد المالية العامة يمكن بالتالي أن ينتقل لبنان إلى مرحلة الاحتواء التدريجي للمخاطر الكامنة كشرط أساسي للنهوض الاقتصادي على المدى المتوسط والطويل الأجل.
- ثالثًا، يُعدّ تعزيز النمو الاقتصادي وخلق الوظائف أمرًا جوهرياً لملاقاة المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية في ضوء التظاهرات الشعبية التي اندلعت منذ منتصف شهر تشرين الأول. فقد بلغ معدل النمو الاقتصادي 0.2٪ هذا العام وفق توقعات صندوق النقد الدولي وذلك قبيل الاحتجاجات الشعبية الأخيرة، ومن المتوقع أن يكون سلبياً في العام المقبل. إلا أن تحليلاً دقيقاَ لمتطلبات القطاع الحقيقي والقطاع المالي يشير إلى أن تعزيز نسب النمو الاقتصادي ممكن تقنياً في المدى المنظور، غير أنه يتطلب مناخاً سياسياً داعماً وإطلاق عجلة الإصلاحات الهيكلية المرجوة لتحفيز الطلب على السلع والخدمات، وتعزيز التنافسية للاقتصاد اللبناني إلى جانب تحسين عامل الثقة بشكل عام. من هنا، فإن المفتاح الأساس يكمن في تحفيز الطلب الخاص لاسيما وأن الطلب العام عرضة للانكماش في سياق متطلبات التصحيح المرجو على صعيد المالية العامة. إن التحدي المحوري الآخر في سبيل تحفيز النمو يكمن في تحفيز الاستثمارات الخاصة، مع الإشارة إلى أن الاستثمار له التأثير الأكبر على النمو الاقتصادي الكلي من خلال مفعول مضاعف الاستثمار بشكل عام. فلبنان بحاجة إلى رفع نسبة الاستثمار الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي من أدنى مستوياتها خلال عشرين عاماً والبالغة أقلّ من 20٪. تجدر الإشارة إلى أن نمو الاستثمار يعزّز مكوّن العمالة في النمو الاقتصادي والذي يتطلّب خلق وظائف جديدة لاستيعاب أكثر من 30,000 لبناني ينضمون كل سنة إلى القوى العاملة في لبنان. في هذا السياق، تبرز معضلة خلق الوظائف في لبنان من بين القضايا الأساسية نظراً إلى أن معدل البطالة تضاعف ليتجاوز 25% مؤخراً. ويرتبط تحفيز الاستثمار الخاص بتحسن بيئة الأعمال من خلال تخفيض التكاليف التشغيلية وتحسين سهولة مزاولة الأعمال في لبنان.
وختم بركات: إن اعتماد وتطبيق سياسات تستجيب للمطالب الشعبية على كافة الصُعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالترافق مع إطلاق عجلة الإصلاحات التي طال انتظارها، قد تحدّ من الاختلالات القائمة وعناصر الهشاشة في الاقتصاد اللبناني، وتوفّر دعماً نسبياً للوضع المالي والنقدي، وتؤمّن الانتقال السَلِس من حقبة الوهن الاقتصادي إلى حقبة التحسّن التدريجي في مستوى المعيشة والرفاه بشكل عام.