مساعدات المعارضة الفنزويلية.. إنسانية أم استعراضية لأهداف سياسية؟(تحليل)
وال-في 23 يناير/ كانون الثاني الماضي، قام خوان غوايدو، رئيس البرلمان الفنزويلي، بتفعيل مواد في الدستور، وأعلن نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد، ثم بدأ يقود استراتيجية هدفها في نهاية المطاف إنهاء حكم الرئيس الحالي نيكولاس مادورو، ووصفه بأنه "مغتصب للسلطة".
وبالفعل، لقيت هذه الخطة الجديدة التي أطلقتها المعارضة الفنزويلية، دعما من حلفاء أقوياء، واستحوذت على اهتمام وسائل الإعلام العالمية، لكنها افتقرت إلى نتائج مقنعة.
وتَمثّل الجزء الأول من الاستراتيجية في السعي من أجل حشد الدعم الدولي، ولاقى غوايدو اعترافا به رئيسا مؤقتا من 50 دولة على الأقل، لكن هذا لم يرقَ إلى جذب أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، البالغ عددها 193، ولا تزال قوى كبرى في مجلس الأمن، مثل روسيا والصين، ودول إقليمية فاعلة مثل تركيا، تأبى أن تدعمه.
وحتى مع وقوف القوى الغربية الرئيسية إلى جانبه، فإن زعيم المعارضة الفنزويلية الشاب، ما زال أمامه طريق طويل قبل أن يستطيع عزل مادورو، ونزع شرعيته على المستوى الدولي.
وبغض النظر عن النجاح الدولي الذي حققه أي من غوايدو أو مادورو، فإن المشكلة الأساسية هي الشرعية والقوة داخل بلدهما، فبخلاف السلطة التشريعية التي يقودها غوايدو، لا يعترف أي من الفروع الأربعة المتبقية (السلطات التنفيذية والقضائية والانتخابية والقوات المسلحة) به رئيسا مؤقتا.
أما الجزء الثاني من استراتيجية غوايدو، فيرتكز على إرسال مساعدات إنسانية إلى الفنزويليين عبر الحدود البرية مع كولومبيا والبرازيل، والبحرية مع بورتوريكو وجزيرة كوراساو في جنوب البحر الكاريبي.
وكان من المقرر دخول أكثر من 600 طن مساعدات، مقدمة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة وتشيلي في 23 فبراير / شباط الماضي، ورغم رفض حكومة مادورو، تم الإعلان مرارا وتكرارا أن هذه المساعدات ستدخل فنزويلا بأي وسيلة.
** المسافة بين الكلام والواقع
في 22 فبراير، عقد نائبان بالمعارضة الفنزويلية مؤتمرا صحفيا في مدينة كوكوتا الكولومبية على الحدود مع فنزويلا، وتحدثا عن كيفية عبور المساعدات الإنسانية للحدود.
وأعلن النائبان جابي أريلانو، وخوسيه مانويل أوليفاريس، حينها، تنظيم "احتجاج سلمي"، وأن المتظاهرين سوف يرتدون ملابس بيضاء، بهدف دعم دخول الشاحنات التي تحمل المساعدات.
وبدا النائبان واثقين أن الحرس الوطني البوليفاري (الفنزويلي)، سوف يتنحى جانبا ويفتح ممرا لدخول المساعدات، في مواجهة هذا النوع من الثورة غير المسلحة.
وقالا أيضا إنه في كل جسر حدودي في كوكوتا، سيكون هناك نائب معارضة ينسق عملية دخول المساعدات لفتح أبواب فنزويلا أمامها.
وكان مئات الصحفيين على استعداد لتغطية هذا الزحف الإنساني السلمي في 23 فبراير، لكن الوضع على الأرض كان مختلفا تماما.
وبدلا من انتشار أشخاص غير مسلحين يرتدون ملابس بيضاء، وترأسهم شخصيات معارضة، شوهدت مجموعات من الشباب ذوي الوجوه المغطاة، وهم يرشقون الحجارة وزجاجات المولوتوف على الحرس الفنزويلي، الذي رد بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.
واتضح على الفور أن الحدود لن تفتح كما هو مخطط له، فأي دولة يمكن أن تسمح بدخول مساعدات إنسانية في ظل هذه الظروف؟
ورغم إصرار غوايدو وحلفائه على أن حرس الحدود الفنزويلي قمع المتظاهرين المسالمين، وقامت العديد من وسائل الإعلام بترديد هذا القول، بعد أن كان على الأرض، يمكن القول إن حرس الحدود رد بأسلحة غير فتاكة على اعتداء ضد أراضيه، شأنه في ذلك شأن أي قوات مسلحة من أي دولة في العالم.
وخاضت المجموعات الشبابية معركة ضارية استمرت سبع ساعات، على جسري "سيمون بوليفار" و"دي باولا سانتاندر" الحدوديين. وفي الوقت نفسه، قامت الشرطة الكولومبية، بمراقبة الأحداث بشكل هادئ، ولم تتدخل أبدا لمنع تحول هذا التدفق الإنساني إلى فوضى وعنف.
والسؤال: لماذا تسمح السلطات الكولومبية للشباب، والكثير منهم دون السن القانونية، بالمخاطرة بحياتهم ومهاجمة دولة مجاورة؟ لماذا ظلت السلطات هناك سلبية في حين أصيب متظاهرون وكان الغاز المسيل للدموع يُمطر أراضيها؟
وثمة قضية أخرى، هي وجود جماعات مسلحة مدنية فنزويلية، ولا يمكن إنكارها.
ومن المعروف جيدا أنها ارتكبت جرائم قتل، وحصلت على أسلحة من حكومة الرئيس السابق هوغو تشافيز، والهدف المعلن لتلك الجماعات، هو أنها تدافع عن الثورة البوليفارية.
وخلال تظاهرات 23 فبراير، ورغم عدم الإبلاغ عن أي حالة وفاة، نددت بعض الجهات بهذه الجماعات المسلحة وممارساتها على الجانب الفنزويلي.
** دور قادة المعارضة
وهناك أسئلة أخرى تثار لتحليل دور قادة المعارضة، ورغم تأكيدهم أنهم سيقومون بتنسيق دخول المساعدات، إلا أن بعضهم لم يظهر إلا في منتصف المعركة. فمن ناحية، لم يتمكن هؤلاء من السيطرة على المدنيين المتدفقين عبر الجسور، لمواجهة العنف مع الحراس الفنزويليين.
وعلى الجانب الآخر، شوهد بعض المنظمين الذين يرتدون سترات زرقاء يشجعون هؤلاء المتظاهرين، ويقدمون لهم أقنعة أو مواد للهجوم على خط الحدود، ألم يكن من المفترض أن يكون احتجاجا سلميا؟
في غضون ذلك، قفز غوايدو بعد أن عقد مؤتمرا صحفيا، ظهرا، على إحدى الشاحنات الـ 14 الواقفة على الحدود، ليتم تصويره من الصحفيين الذين يتبعونه في جميع أنحاء كوكوتا، ثم نزل واختفى حتى المؤتمر الصحفي الذي عقده ليلا، لم يسبق لأحد أن رآه يقود تدفق المساعدات الإنسانية، أو يحاول منع ذلك من أن يصبح عملا عنيفا.
لذلك لم تكن هناك قيادة واضحة من شخصيات المعارضة الرئيسية الذين نسقوا العملية، ومن المستحيل ألا نتساءل كيف سمح غوايدو، الذي كان يحاول إظهار نفسه رئيسا مؤقتا، لمجموعة مدنيين بمهاجمة جيشه وأرضه؟
وبوجود مثل هذا الكم من الإعلام الكولومبي والدولي حوله، ألم يكن من الأحرى أن يظهر سلميته أمام جنوده أثناء طلبه السماح بدخول المساعدات إلى بلاده؟ كانت هذه هي الصورة التي توقع كثيرون رؤيتها.
** المساعدات الإنسانية
أحد النقاشات الرئيسية التي أثيرت، هي ما إذا كانت أطنان المساعدات التي تم إرسالها إلى فنزويلا هي بالفعل "إنسانية".
وإذا نظرنا إليها من القانون الإنساني الدولي، يجب أن تتوافق هذه المساعدات مع مبادئ الاستقلال والحياد والنزاهة. يجب أن يكون لها هدف إنساني حصري، ودراسة مسبقة للاحتياجات المحددة، وكيف سيتم الوفاء بها.
لم يكن هذا هو الحال، حتى لجنة الصليب الأحمر الدولية، والأمم المتحدة، رفضتا المشاركة في عملية 23 فبراير، وأشارتا إلى أنه لا يمكن وصفها بأنها "إنسانية"، بسبب "محتواها السياسي للغاية".
على الأرض، كانت هذه العملية بعيدة كل البعد عن كونها بادرة إنسانية حقيقية، تهدف إلى مساعدة الأشخاص الأكثر ضعفا، وكانت مجرد استعراض أمام وسائل الإعلام العالمية، هدفه نزع الشرعية عن مادورو.
وإذا كان الهدف مساعدة ملايين الفنزويليين الذين يعانون الجوع بسبب نقص الغذاء والتضخم الشديد، أو المرضى الذين يفتقرون إلى الأدوية، كان يمكن القيام بعملية إنسانية بطرق أخرى ودون مواجهات عنيفة.
وفي الواقع، رغم أن مادورو يرفض الاعتراف بأزمات إنسانية في بلاده، ولا يريد فتح ممرات إنسانية، إلا أن العديد من المنظمات ترسل باستمرار مساعدات إلى فنزويلا عبر طرق مختلفة، وتحافظ على عدم الكشف عن هويتها، وتضمن وصول منتجات معينة إلى أولئك الذين يحتاجون إليها.
** انشقاق الجنود الفنزويليين
إذا كان هناك انتصار محتمل في هذه المعركة ضد مادورو، فهو انشقاق عدد من الجنود الفنزويليين عن النظام، وعبورهم الحدود باتجاه كولومبيا طلبا للحماية.
وفي هذا الشأن، كرر قادة المعارضة دعوة الجنود إلى وضع أنفسهم في "الجانب الصحيح من التاريخ".
وخلال الفترة بين 23 و27 فبراير، كان هناك ما لا يقل عن 570 ضابطا انشقوا عن الجيش، وفقا لسلطات الهجرة الكولومبية.
لكن هذا الرقم لا يمثل حتى 1 في المائة من الهيكل العسكري للقوات المسلحة البوليفارية الوطنية، التي لديها بين "150 ألف مقاتل نشط"، وفقا للمعلومات المتاحة على الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع.
قد ترسل هذه القرارات الفردية بعض الرسائل إلى مادورو، لكن حتى الآن، لا تشكك في الموقف المؤسسي للقوات المسلحة التي لا تزال إلى جانبه، ولم تتورط في انقلاب عسكري، وما يترتب على ذلك من تغيير النظام، وهو الأمر الذي كان ينتظره غوايدو وحلفاؤه.
وكالة الاناضول
وبالفعل، لقيت هذه الخطة الجديدة التي أطلقتها المعارضة الفنزويلية، دعما من حلفاء أقوياء، واستحوذت على اهتمام وسائل الإعلام العالمية، لكنها افتقرت إلى نتائج مقنعة.
وتَمثّل الجزء الأول من الاستراتيجية في السعي من أجل حشد الدعم الدولي، ولاقى غوايدو اعترافا به رئيسا مؤقتا من 50 دولة على الأقل، لكن هذا لم يرقَ إلى جذب أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، البالغ عددها 193، ولا تزال قوى كبرى في مجلس الأمن، مثل روسيا والصين، ودول إقليمية فاعلة مثل تركيا، تأبى أن تدعمه.
وحتى مع وقوف القوى الغربية الرئيسية إلى جانبه، فإن زعيم المعارضة الفنزويلية الشاب، ما زال أمامه طريق طويل قبل أن يستطيع عزل مادورو، ونزع شرعيته على المستوى الدولي.
وبغض النظر عن النجاح الدولي الذي حققه أي من غوايدو أو مادورو، فإن المشكلة الأساسية هي الشرعية والقوة داخل بلدهما، فبخلاف السلطة التشريعية التي يقودها غوايدو، لا يعترف أي من الفروع الأربعة المتبقية (السلطات التنفيذية والقضائية والانتخابية والقوات المسلحة) به رئيسا مؤقتا.
أما الجزء الثاني من استراتيجية غوايدو، فيرتكز على إرسال مساعدات إنسانية إلى الفنزويليين عبر الحدود البرية مع كولومبيا والبرازيل، والبحرية مع بورتوريكو وجزيرة كوراساو في جنوب البحر الكاريبي.
وكان من المقرر دخول أكثر من 600 طن مساعدات، مقدمة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة وتشيلي في 23 فبراير / شباط الماضي، ورغم رفض حكومة مادورو، تم الإعلان مرارا وتكرارا أن هذه المساعدات ستدخل فنزويلا بأي وسيلة.
** المسافة بين الكلام والواقع
في 22 فبراير، عقد نائبان بالمعارضة الفنزويلية مؤتمرا صحفيا في مدينة كوكوتا الكولومبية على الحدود مع فنزويلا، وتحدثا عن كيفية عبور المساعدات الإنسانية للحدود.
وأعلن النائبان جابي أريلانو، وخوسيه مانويل أوليفاريس، حينها، تنظيم "احتجاج سلمي"، وأن المتظاهرين سوف يرتدون ملابس بيضاء، بهدف دعم دخول الشاحنات التي تحمل المساعدات.
وبدا النائبان واثقين أن الحرس الوطني البوليفاري (الفنزويلي)، سوف يتنحى جانبا ويفتح ممرا لدخول المساعدات، في مواجهة هذا النوع من الثورة غير المسلحة.
وقالا أيضا إنه في كل جسر حدودي في كوكوتا، سيكون هناك نائب معارضة ينسق عملية دخول المساعدات لفتح أبواب فنزويلا أمامها.
وكان مئات الصحفيين على استعداد لتغطية هذا الزحف الإنساني السلمي في 23 فبراير، لكن الوضع على الأرض كان مختلفا تماما.
وبدلا من انتشار أشخاص غير مسلحين يرتدون ملابس بيضاء، وترأسهم شخصيات معارضة، شوهدت مجموعات من الشباب ذوي الوجوه المغطاة، وهم يرشقون الحجارة وزجاجات المولوتوف على الحرس الفنزويلي، الذي رد بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.
واتضح على الفور أن الحدود لن تفتح كما هو مخطط له، فأي دولة يمكن أن تسمح بدخول مساعدات إنسانية في ظل هذه الظروف؟
ورغم إصرار غوايدو وحلفائه على أن حرس الحدود الفنزويلي قمع المتظاهرين المسالمين، وقامت العديد من وسائل الإعلام بترديد هذا القول، بعد أن كان على الأرض، يمكن القول إن حرس الحدود رد بأسلحة غير فتاكة على اعتداء ضد أراضيه، شأنه في ذلك شأن أي قوات مسلحة من أي دولة في العالم.
وخاضت المجموعات الشبابية معركة ضارية استمرت سبع ساعات، على جسري "سيمون بوليفار" و"دي باولا سانتاندر" الحدوديين. وفي الوقت نفسه، قامت الشرطة الكولومبية، بمراقبة الأحداث بشكل هادئ، ولم تتدخل أبدا لمنع تحول هذا التدفق الإنساني إلى فوضى وعنف.
والسؤال: لماذا تسمح السلطات الكولومبية للشباب، والكثير منهم دون السن القانونية، بالمخاطرة بحياتهم ومهاجمة دولة مجاورة؟ لماذا ظلت السلطات هناك سلبية في حين أصيب متظاهرون وكان الغاز المسيل للدموع يُمطر أراضيها؟
وثمة قضية أخرى، هي وجود جماعات مسلحة مدنية فنزويلية، ولا يمكن إنكارها.
ومن المعروف جيدا أنها ارتكبت جرائم قتل، وحصلت على أسلحة من حكومة الرئيس السابق هوغو تشافيز، والهدف المعلن لتلك الجماعات، هو أنها تدافع عن الثورة البوليفارية.
وخلال تظاهرات 23 فبراير، ورغم عدم الإبلاغ عن أي حالة وفاة، نددت بعض الجهات بهذه الجماعات المسلحة وممارساتها على الجانب الفنزويلي.
** دور قادة المعارضة
وهناك أسئلة أخرى تثار لتحليل دور قادة المعارضة، ورغم تأكيدهم أنهم سيقومون بتنسيق دخول المساعدات، إلا أن بعضهم لم يظهر إلا في منتصف المعركة. فمن ناحية، لم يتمكن هؤلاء من السيطرة على المدنيين المتدفقين عبر الجسور، لمواجهة العنف مع الحراس الفنزويليين.
وعلى الجانب الآخر، شوهد بعض المنظمين الذين يرتدون سترات زرقاء يشجعون هؤلاء المتظاهرين، ويقدمون لهم أقنعة أو مواد للهجوم على خط الحدود، ألم يكن من المفترض أن يكون احتجاجا سلميا؟
في غضون ذلك، قفز غوايدو بعد أن عقد مؤتمرا صحفيا، ظهرا، على إحدى الشاحنات الـ 14 الواقفة على الحدود، ليتم تصويره من الصحفيين الذين يتبعونه في جميع أنحاء كوكوتا، ثم نزل واختفى حتى المؤتمر الصحفي الذي عقده ليلا، لم يسبق لأحد أن رآه يقود تدفق المساعدات الإنسانية، أو يحاول منع ذلك من أن يصبح عملا عنيفا.
لذلك لم تكن هناك قيادة واضحة من شخصيات المعارضة الرئيسية الذين نسقوا العملية، ومن المستحيل ألا نتساءل كيف سمح غوايدو، الذي كان يحاول إظهار نفسه رئيسا مؤقتا، لمجموعة مدنيين بمهاجمة جيشه وأرضه؟
وبوجود مثل هذا الكم من الإعلام الكولومبي والدولي حوله، ألم يكن من الأحرى أن يظهر سلميته أمام جنوده أثناء طلبه السماح بدخول المساعدات إلى بلاده؟ كانت هذه هي الصورة التي توقع كثيرون رؤيتها.
** المساعدات الإنسانية
أحد النقاشات الرئيسية التي أثيرت، هي ما إذا كانت أطنان المساعدات التي تم إرسالها إلى فنزويلا هي بالفعل "إنسانية".
وإذا نظرنا إليها من القانون الإنساني الدولي، يجب أن تتوافق هذه المساعدات مع مبادئ الاستقلال والحياد والنزاهة. يجب أن يكون لها هدف إنساني حصري، ودراسة مسبقة للاحتياجات المحددة، وكيف سيتم الوفاء بها.
لم يكن هذا هو الحال، حتى لجنة الصليب الأحمر الدولية، والأمم المتحدة، رفضتا المشاركة في عملية 23 فبراير، وأشارتا إلى أنه لا يمكن وصفها بأنها "إنسانية"، بسبب "محتواها السياسي للغاية".
على الأرض، كانت هذه العملية بعيدة كل البعد عن كونها بادرة إنسانية حقيقية، تهدف إلى مساعدة الأشخاص الأكثر ضعفا، وكانت مجرد استعراض أمام وسائل الإعلام العالمية، هدفه نزع الشرعية عن مادورو.
وإذا كان الهدف مساعدة ملايين الفنزويليين الذين يعانون الجوع بسبب نقص الغذاء والتضخم الشديد، أو المرضى الذين يفتقرون إلى الأدوية، كان يمكن القيام بعملية إنسانية بطرق أخرى ودون مواجهات عنيفة.
وفي الواقع، رغم أن مادورو يرفض الاعتراف بأزمات إنسانية في بلاده، ولا يريد فتح ممرات إنسانية، إلا أن العديد من المنظمات ترسل باستمرار مساعدات إلى فنزويلا عبر طرق مختلفة، وتحافظ على عدم الكشف عن هويتها، وتضمن وصول منتجات معينة إلى أولئك الذين يحتاجون إليها.
** انشقاق الجنود الفنزويليين
إذا كان هناك انتصار محتمل في هذه المعركة ضد مادورو، فهو انشقاق عدد من الجنود الفنزويليين عن النظام، وعبورهم الحدود باتجاه كولومبيا طلبا للحماية.
وفي هذا الشأن، كرر قادة المعارضة دعوة الجنود إلى وضع أنفسهم في "الجانب الصحيح من التاريخ".
وخلال الفترة بين 23 و27 فبراير، كان هناك ما لا يقل عن 570 ضابطا انشقوا عن الجيش، وفقا لسلطات الهجرة الكولومبية.
لكن هذا الرقم لا يمثل حتى 1 في المائة من الهيكل العسكري للقوات المسلحة البوليفارية الوطنية، التي لديها بين "150 ألف مقاتل نشط"، وفقا للمعلومات المتاحة على الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع.
قد ترسل هذه القرارات الفردية بعض الرسائل إلى مادورو، لكن حتى الآن، لا تشكك في الموقف المؤسسي للقوات المسلحة التي لا تزال إلى جانبه، ولم تتورط في انقلاب عسكري، وما يترتب على ذلك من تغيير النظام، وهو الأمر الذي كان ينتظره غوايدو وحلفاؤه.
وكالة الاناضول