بوحبيب: لبنان يعيش أزمة تهدد وجوده.. ولتطبيق الـ1701
وال-اعتبر وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب أنّ "الوضع في لبنان ينذر بالأسوأ في الشرق الأوسط بسبب العدوان الإسرائيلي عليه، متسائلاً: "ألم تشبع إسرائيل من الحروب؟".
وأكد بوحبيب، في كلمة لبنان في الأمم المتحدة، أنّ "لبنان يعيش أزمة تُهدّد وجوده... وما نعيشه في لبنان هو نتيجة للاحتلال الذي يعتبر المتسبّب في كل ما نعيشه وإسرائيل كانت تتهرّب وتتجاهل ترسيم الحدود”، لافتاً إلى أنّ "الاحلال الإسرائيلي يحرق الأراضي الزراعية بالفوسفور الأبيض لعدم التمكن من زراعتها لسنوات"، محذّراً من "جرّ الشرق الأوسط إلى الانفجار الكبير".
وتابع بوحبيب قائلاً: "عودة الإسرائيليين إلى المستوطنات لن تتحقّق بالقتال بل بوقف النار"، مضيفاً أنّه "على إسرائيل وقف التصعيد لمنع الانفجار الكبير". كما أكد أنّ "مقتل أيّ مدني مأساة لا يمكن القبول بها ولا يمكن تبريرها".
لقاءات بوحبيب: من جهة أخرى، لبى بوحبيب دعوة نظيره الفرنسي جان نويل بارو إلى فطور عمل خلال وجوده في نيويورك. تمحورت النقاشات حول العمل الجاري على وقف اطلاق النار واعادة الهدوء إلى لبنان، كما وأهمية وضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت.
واجتمع بوزير الخارجية السوري بسام الصباغ، وتم التشاور بالتطورات الأخيرة والمؤسفة الحاصلة في لبنان، وأزمة النزوح السوري، وضرورة تحرك المجتمع الدولي لدعم السوريين في بلدهم وقراهم عبر عملية التعافي المبكر، كما وتفعيل لجنة التواصل العربي لدعم سوريا، والشعب السوري للخروج من أزمته.
كما التقى بوزير خارجية الدانمارك لارس راسموسن، ووزير خارجية هولندا كاسبار فيلدكامب كل على حدى، حيث وضعهما بصورة آخر التطورات والتصعيد الخطير الحاصل في لبنان. وعرض الوزيران تقديم الدعم الانساني والسياسي لمساعدة لبنان للخروج من أزمته، كما رحبا بالمبادرة الأميركية - الفرنسية لوقف اطلاق النار.
وأجرى لقاء جانبيا مع وزير خارجية بلغاريا ايفان كوندوف الذي ابلغه ان لا علاقة لبلاده لا من قريب ولا من بعيد بتصنيع او تجارة الأجهزة اللاسلكية التي إنفجرت مؤخرا واوقعت العديد من الضحايا اللبنانيين، نافياً ما تداولته بعض وسائل الإعلام حول ضلوع بلغاريا بهذا الامر.
كلمة بوحبيب في الامم المتحدة: وجاء في الكلمة التي ألقاها بوحبيب كلمة أمام الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة: "بداية، أطيب التهاني السيد الرئيس على انتخابكم رئيساً للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، متمنياً لكم النجاح في مهمتكم، ومعرباً عن دعم لبنان الكامل لبرنامجكم " الوحدة في التنوع، لدفع السلام، التنمية المستدامة والكرامة الانسانية".
أضاف: "يعيش لبنان هذه الأيام أزمة تهدد وجوده، ومستقبل شعبه، ورفاهيته وتتطلب تدخلا" دوليا" عاجلا" قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، وتتساقط أحجار الدومينو المترابطة، ويتحول العجز عن احتوائها وإطفائها الى ثقب أسود يبتلع السلم والأمن الإقليميين والدوليين. فالوضع المتأزم في لبنان ينذر بالأسوأ لكل الشرق الأوسط، في حال استمرار الأمور على حالها، ووقوف العالم متفرجا".
تابع: "بداية نرحب بالبيان الذي صدر البارحة عن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمدعوم من دول صديقة، لإتاحة فرصة لإرساء هدوء طويل الأمد، يعطي استقراراً على الحدود ويعيد النازحين إلى منازلهم. كما نطالب باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ. ما نعيشه اليوم في لبنان هو نتيجة لعدم الوصول الى حلول مستدامة وليست سببًا، بل الاحتلال هو السبب. نقولها بكل وضوح، إنهوا الاحتلال، فهو المسبب لكل ما نعيشه، وغير ذلك مضيعة للوقت. فطالما هناك احتلال، هناك عدم استقرار وحروب. لقد حاولنا مراراً وتكراراً بواسطة الأمم المتحدة حل المشاكل الحدودية العالقة مع إسرائيل، لكنها كانت تتهرب أو تتجاهل ذلك. على الرغم من الظروف القاسية التي نعيشها، فإن لبنان يتمسك أكثر فأكثر بالشرعية الدولية، ويحتمي بقراراتها. فهو البلد المشارك في صياغة شرعتها لحقوق الإنسان عبر كبير من أبنائه، أي شارل مالك. وبقدر ما يؤسفنا عجز الأمم المتحدة لتاريخه عن حمايتنا من العدوان الإسرائيلي، فسنبقى متمسكين بدور المنظمة الأممية كخط دفاع في وجه الإحتلال، والبطش، والعنف، والدمار. نحن اليوم بأمس الحاجة إلى دور الأمم المتحدة كملجأ للدول الصغيرة المحبة للسلام، التي تتعرض للاعتداء، ومنها وطني لبنان".
أضاف: "من رحم المأساة التي نعيشها، وواقعنا المرير، فإننا لا نزال نتطلع الى الحوار البناء بديلًا من لغة السلاح لحل النزاعات. فلقد أثبت لبنان قدرته على أن يكون شريكًا موثوقًا في بناء التفاهمات، كما حصل في أكتوبر 2022 في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. ذلك خير دليل على إلتزام لبنان التفاوض لحل النزاعات بالطرق السلمية. لقد طرحنا في جلستين لمجلس الأمن وآخرها إنعقدت بتاريخ 17 تموز الماضي حول الحالة في الشرق الأوسط، إطاراً متكاملاً لإرساء هدوء مستدام على حدود لبنان الجنوبية. ونكرر اليوم دعوتنا لوقف إطلاق النار على الجبهات، لتكون فرصة ومقدمة بإتجاه التطبيق الكامل، وغير المنقوص، لقرار مجلس الأمن 1701 الذي أثبت قدرته على إرساء إستقرار نسبي في الجنوب اللبناني، منذ نهاية حرب تموز 2006 ولغاية 7 اكتوبر 2023".
وقال: "كذلك، نعوّل على دعم المجتمع الدولي والدول الصديقة، الحكومة اللبنانية لتعزيز إنتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، وتوفير له ما يحتاج من عتاد، ومساعدته لزيادة عديده بعد أن باشرت الحكومة بفتح الباب لحملة تجنيد جديدة كإلتزام واضح منها بالقرار 1701، بحيث لا يكون سلاح دون موافقة حكومة لبنان، ولا تكون هناك سلطة غير سلطة حكومة لبنان، وفقاً لما نص عليه القرار المذكور أعلاه. إن مطالبتنا بتوفير الدعم لا تعكس فقط التزامنا الوفاء بتعهداتنا بموجب القرار 1701، وإنما أيضا تأكيدنا على أهمية التعاون والتكاتف مع المجتمع الدولي لمواجهة التحديات الأمنية، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. نحن جميعا ندرك تماما الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد. وعلى الرغم من ذلك، اتخذت الحكومة قراراً مهماً بتطويع 1500 جندي اضافي لنشرهم في الجنوب اللبناني. وهذا ليس تفصيلاً بسيطاً، بل هي إشارة سياسية للمجتمع الدولي بأن لبنان ملتزم وعازم على تنفيذ القرار 1701. وحتى في أصعب الأوقات كالتي نعيشها الآن، فإن لبنان لا يقف مكتوف الأيدي. إننا نحشد جهودنا، على أعلى المستويات، لحماية شعبنا ومؤسساتنا الوطنية وسيادة أرضنا".
أضاف: "لعله من أهم بنود القرار 1701 إظهار حدود لبنان المعترف بها دوليًا والمرسمة بين لبنان وفلسطين عام 1923، والمؤكد عليها في إتفاقية الهدنة اللبنانية – الاسرائيلية الموقعة في جزيرة رودوس اليونانية عام 1949، بإشراف ورعاية الأمم المتحدة. يتم ذلك من خلال إستكمال عملية الإتفاق على النقاط الـ 13 الحدودية المختلف عليها. بموجب ذلك تنسحب اسرائيل من كافة المناطق اللبنانية التي لا تزال تحتلها الى الحدود المعترف بها دوليًا. كما نؤكد التمسك بأهمية دور قوات حفظ السلام (اليونيفيل) البنَّاء العاملة في جنوب لبنان التي ساهمت منذ تأسيسها بإرساء الهدوء والاستقرار في المنطقة، حيث لم تحصل لغاية 8 اكتوبر ٢٠٢٣ حوادث تهدد السلم والأمن الإقليميين. كما نشكر اليونيفيل على تضحياتها الكبيرة وما تواجهه من تحديات، لا سيما خلال الأشهر والأيام الأخيرة".
تابع: "أما على المقلب الآخر، فبدل أن تشبع إسرائيل من الحروب المتواصلة والقتال منذ أكثر من 75 عاما، نراها تجنح أكثر فأكثر نحو التطرف. فأخطر التحديات اليوم التي يواجهها لبنان يتمثل في العدوان المتدحرج، حيث اتسعت أخيرًا رقعة الحرب لتشمل عمق المناطق اللبنانية. كما يزيد من قلقنا أيضًا التدمير الممنهج الذي تتعرض له القرى الحدودية اللبنانية، والعقاب الجماعي للسكان، وحرق الأراضي الزراعية بالفوسفور الأبيض، وجعلها غير قابلة للإستثمار لسنوات طويلة. وقد شهدنا الأيام الماضية نموذجًا قبيحًا"، ومقززًا لكيفية استعمال أجهزة إلكترونية مخصصة للاستخدام المدني الى قنابل موقوتة، تم تفجيرها عمدًا، وبصورة متزامنة، فحصدت عشرات الأشخاص، بينهم أطفال ونساء وإصابة آلاف الجرحى، ومنهم مئات في حال خطرة، بالإضافة إلى مئات آخرين تعرضوا لتشوهات جسدية، أوفقدوا أحد أطرافهم، أو بصرهم بالكامل. ومن على هذا المنبر، نجدد تحذيرنا من العدوان المتزايد، والخفة، واللعب بالنار، ومحاولة جر الشرق الأوسط برمته الى الانفجار الكبير".
وقال: "نكرر مجددًا رفضنا للحرب، وحقنا المشروع بالدفاع عن النفس وفقا لميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، بالتزامن مع سعينا الدؤوب من خلال اتصالاتنا ولقاءاتنا لتجنب الوقوع في شباك التهور الاسرائيلي الساعي الى إستمرار الحرب، وتوسيعها".
تابع: "إن عودة النازحين الإسرائيليين الى بلداتهم، ومستوطناتهم لن تتحقق بالحرب والقصف والقتال وتهجير أوسع للبنانيين. أقصر الطرق الى عودتهم، هي بالوقف الشامل والفوري لإطلاق النار وفقًا للبيان الأميركي - الفرنسي الصادر بالأمس والمدعوم من دول صديقة. ان التطبيق الشامل والكامل للقرار 1701، ضمن سلة متكاملة، بضمانات دولية واضحة، معلنة، وشفافة، يتزامن مع وقف نهائي للخروق الاسرائيلية البرية، والبحرية، والجوية، لسيادة لبنان، وحدوده المعترف بها دوليا، وقد تخطت الـ 35 الف خرق منذ العام 2006 لتاريخه. ألم تشبع إسرائيل حروبا" متواصلة منذ العام 1948؟ متى سيحين الوقت كي تعطي إسرائيل فرصة حقيقية للسلام. ألا ترغب بأن تجرب طريق السلام مرة أقله حتى تصل الى نهايته، بدل لغة الحديد والنار والدم والدمار؟".
أضاف: "لقد اختار لبنان والدول العربية السلام، بصورة واضحة لا لبس فيها ، من خلال مبادرة السلام العربية الصادرة عن القمة العربية في بيروت عام 2002، وموافقتهم على حل الدولتين، ومطالبتهم بتطبيق قرارات الامم المتحدة، التي بقيت للأسف حبرًا على ورق. والآن على اسرائيل كل اسرائيل حكومة، وشعباً أن تريد فعلاً السلام وتختاره بدلاً من الحرب، وأن تتخطى هواجسها الأمنية. إن كسر دوامة العنف في المنطقة، ووقف التصعيد، وإحتمال إنفجار الشرق الاوسط برمته يستلزم أيضاً العمل الجماعي ضمن إطار زمني، ومحدد، وبضمانات واضحة للإعتراف بالحقوق المشروعة، وفي مقدمتها حق تقرير المصير وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. فلا سلام من دون حل الدولتين، مهما طال الزمن".
وقال: "نجدّد دعوتنا لإيجاد حل مستدام، وتطبيق كامل ومتوازن لقرار مجلس الأمن الـ 1701، وإظهار حدودنا البرية المعترف بها دوليًا، بما يجنب لبنان والمنطقة المزيد من الحروب والخراب. إننا نمر بفترة صعبة للغاية، تتسم بالتصعيد المأسوي للعنف في لبنان. ومن قلب الصراع، يشكل قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، خط الدفاع الأول عن لبنان. وهذا القرار ليس مجرّد وثيقة أو إطار عمل، بل يمثل التزاماً من المجتمع الدولي بالحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي. ولا يمكننا أن نحيد عن هذا المسار، لأنه يشكل الأساس القانوني والدبلوماسي الذي يضمن حماية الأمن اللبناني والإقليمي. إن التزام القرار 1701 أمر ضروري ليس فقط للبنان بل لإسرائيل أيضا، والمنطقة برمتها. إنها أفضل أداة لدى المجتمع الدولي لإيقاف دوامة العنف لكي تسود الديبلوماسية، مهما كانت الطريق إليها صعبة. إن تكلفة الفشل الديبلوماسي مرتفعة للغاية. وعلينا ألا ننسى أن مع كلّ جولة عنف معاناة لا يمكن تصورها، بخاصة بالنسبة إلى المدنيين. إن مقتل أي مدني مأساة لا يمكن القبول بها ومن المستحيل تبريرها. عندما يتم استهداف المناطق المدنية بشكل ممنهج كما هو حاصل، فإننا نتحدث عن أعمال ترقى إلى جرائم الحرب. ولا شيء يمكن أن يبرر القتل العشوائي للأبرياء. ولكن بينما نحن نتحدث عن الموت والدمار، يجب علينا أيضًا أن نركزّ على إيجاد الحلول".
ختم: "إن الوقت ينفد، ومن الأهمية بمكان أن نجد مساراً سياسياً للخروج من هذه الأزمة المتفاقمة. والسبيل الوحيد للمضي قدما هو التوصل إلى حل سياسي. يجب علينا أن نفكر معاً حول كيفية الخروج سياسيًا من هذه الأزمة، بدلاً من الغرق أكثر في عسكرة الصراع وتعميقه، وإطالته. الديبلوماسية ليست دائماً سهلة، ولكنها الطريقة الوحيدة لإنقاذ الأرواح والأبرياء والأوطان. ولبنان مصممّ على السير على هذا الطريق. إن لبنان يرى في المبادرة الأميركية - الفرنسية، بدعم دول صديقة أخرى فرصة لالتقاط الأنفاس، وفتح ثغرة في كوة هذه الأزمة، لعل إسرائيل تلتقطها، على الديبلوماسية أن تنجح. لا خيار آخر لدينا".
وأكد بوحبيب، في كلمة لبنان في الأمم المتحدة، أنّ "لبنان يعيش أزمة تُهدّد وجوده... وما نعيشه في لبنان هو نتيجة للاحتلال الذي يعتبر المتسبّب في كل ما نعيشه وإسرائيل كانت تتهرّب وتتجاهل ترسيم الحدود”، لافتاً إلى أنّ "الاحلال الإسرائيلي يحرق الأراضي الزراعية بالفوسفور الأبيض لعدم التمكن من زراعتها لسنوات"، محذّراً من "جرّ الشرق الأوسط إلى الانفجار الكبير".
وتابع بوحبيب قائلاً: "عودة الإسرائيليين إلى المستوطنات لن تتحقّق بالقتال بل بوقف النار"، مضيفاً أنّه "على إسرائيل وقف التصعيد لمنع الانفجار الكبير". كما أكد أنّ "مقتل أيّ مدني مأساة لا يمكن القبول بها ولا يمكن تبريرها".
لقاءات بوحبيب: من جهة أخرى، لبى بوحبيب دعوة نظيره الفرنسي جان نويل بارو إلى فطور عمل خلال وجوده في نيويورك. تمحورت النقاشات حول العمل الجاري على وقف اطلاق النار واعادة الهدوء إلى لبنان، كما وأهمية وضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت.
واجتمع بوزير الخارجية السوري بسام الصباغ، وتم التشاور بالتطورات الأخيرة والمؤسفة الحاصلة في لبنان، وأزمة النزوح السوري، وضرورة تحرك المجتمع الدولي لدعم السوريين في بلدهم وقراهم عبر عملية التعافي المبكر، كما وتفعيل لجنة التواصل العربي لدعم سوريا، والشعب السوري للخروج من أزمته.
كما التقى بوزير خارجية الدانمارك لارس راسموسن، ووزير خارجية هولندا كاسبار فيلدكامب كل على حدى، حيث وضعهما بصورة آخر التطورات والتصعيد الخطير الحاصل في لبنان. وعرض الوزيران تقديم الدعم الانساني والسياسي لمساعدة لبنان للخروج من أزمته، كما رحبا بالمبادرة الأميركية - الفرنسية لوقف اطلاق النار.
وأجرى لقاء جانبيا مع وزير خارجية بلغاريا ايفان كوندوف الذي ابلغه ان لا علاقة لبلاده لا من قريب ولا من بعيد بتصنيع او تجارة الأجهزة اللاسلكية التي إنفجرت مؤخرا واوقعت العديد من الضحايا اللبنانيين، نافياً ما تداولته بعض وسائل الإعلام حول ضلوع بلغاريا بهذا الامر.
كلمة بوحبيب في الامم المتحدة: وجاء في الكلمة التي ألقاها بوحبيب كلمة أمام الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة: "بداية، أطيب التهاني السيد الرئيس على انتخابكم رئيساً للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، متمنياً لكم النجاح في مهمتكم، ومعرباً عن دعم لبنان الكامل لبرنامجكم " الوحدة في التنوع، لدفع السلام، التنمية المستدامة والكرامة الانسانية".
أضاف: "يعيش لبنان هذه الأيام أزمة تهدد وجوده، ومستقبل شعبه، ورفاهيته وتتطلب تدخلا" دوليا" عاجلا" قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، وتتساقط أحجار الدومينو المترابطة، ويتحول العجز عن احتوائها وإطفائها الى ثقب أسود يبتلع السلم والأمن الإقليميين والدوليين. فالوضع المتأزم في لبنان ينذر بالأسوأ لكل الشرق الأوسط، في حال استمرار الأمور على حالها، ووقوف العالم متفرجا".
تابع: "بداية نرحب بالبيان الذي صدر البارحة عن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمدعوم من دول صديقة، لإتاحة فرصة لإرساء هدوء طويل الأمد، يعطي استقراراً على الحدود ويعيد النازحين إلى منازلهم. كما نطالب باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ. ما نعيشه اليوم في لبنان هو نتيجة لعدم الوصول الى حلول مستدامة وليست سببًا، بل الاحتلال هو السبب. نقولها بكل وضوح، إنهوا الاحتلال، فهو المسبب لكل ما نعيشه، وغير ذلك مضيعة للوقت. فطالما هناك احتلال، هناك عدم استقرار وحروب. لقد حاولنا مراراً وتكراراً بواسطة الأمم المتحدة حل المشاكل الحدودية العالقة مع إسرائيل، لكنها كانت تتهرب أو تتجاهل ذلك. على الرغم من الظروف القاسية التي نعيشها، فإن لبنان يتمسك أكثر فأكثر بالشرعية الدولية، ويحتمي بقراراتها. فهو البلد المشارك في صياغة شرعتها لحقوق الإنسان عبر كبير من أبنائه، أي شارل مالك. وبقدر ما يؤسفنا عجز الأمم المتحدة لتاريخه عن حمايتنا من العدوان الإسرائيلي، فسنبقى متمسكين بدور المنظمة الأممية كخط دفاع في وجه الإحتلال، والبطش، والعنف، والدمار. نحن اليوم بأمس الحاجة إلى دور الأمم المتحدة كملجأ للدول الصغيرة المحبة للسلام، التي تتعرض للاعتداء، ومنها وطني لبنان".
أضاف: "من رحم المأساة التي نعيشها، وواقعنا المرير، فإننا لا نزال نتطلع الى الحوار البناء بديلًا من لغة السلاح لحل النزاعات. فلقد أثبت لبنان قدرته على أن يكون شريكًا موثوقًا في بناء التفاهمات، كما حصل في أكتوبر 2022 في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. ذلك خير دليل على إلتزام لبنان التفاوض لحل النزاعات بالطرق السلمية. لقد طرحنا في جلستين لمجلس الأمن وآخرها إنعقدت بتاريخ 17 تموز الماضي حول الحالة في الشرق الأوسط، إطاراً متكاملاً لإرساء هدوء مستدام على حدود لبنان الجنوبية. ونكرر اليوم دعوتنا لوقف إطلاق النار على الجبهات، لتكون فرصة ومقدمة بإتجاه التطبيق الكامل، وغير المنقوص، لقرار مجلس الأمن 1701 الذي أثبت قدرته على إرساء إستقرار نسبي في الجنوب اللبناني، منذ نهاية حرب تموز 2006 ولغاية 7 اكتوبر 2023".
وقال: "كذلك، نعوّل على دعم المجتمع الدولي والدول الصديقة، الحكومة اللبنانية لتعزيز إنتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، وتوفير له ما يحتاج من عتاد، ومساعدته لزيادة عديده بعد أن باشرت الحكومة بفتح الباب لحملة تجنيد جديدة كإلتزام واضح منها بالقرار 1701، بحيث لا يكون سلاح دون موافقة حكومة لبنان، ولا تكون هناك سلطة غير سلطة حكومة لبنان، وفقاً لما نص عليه القرار المذكور أعلاه. إن مطالبتنا بتوفير الدعم لا تعكس فقط التزامنا الوفاء بتعهداتنا بموجب القرار 1701، وإنما أيضا تأكيدنا على أهمية التعاون والتكاتف مع المجتمع الدولي لمواجهة التحديات الأمنية، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. نحن جميعا ندرك تماما الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد. وعلى الرغم من ذلك، اتخذت الحكومة قراراً مهماً بتطويع 1500 جندي اضافي لنشرهم في الجنوب اللبناني. وهذا ليس تفصيلاً بسيطاً، بل هي إشارة سياسية للمجتمع الدولي بأن لبنان ملتزم وعازم على تنفيذ القرار 1701. وحتى في أصعب الأوقات كالتي نعيشها الآن، فإن لبنان لا يقف مكتوف الأيدي. إننا نحشد جهودنا، على أعلى المستويات، لحماية شعبنا ومؤسساتنا الوطنية وسيادة أرضنا".
أضاف: "لعله من أهم بنود القرار 1701 إظهار حدود لبنان المعترف بها دوليًا والمرسمة بين لبنان وفلسطين عام 1923، والمؤكد عليها في إتفاقية الهدنة اللبنانية – الاسرائيلية الموقعة في جزيرة رودوس اليونانية عام 1949، بإشراف ورعاية الأمم المتحدة. يتم ذلك من خلال إستكمال عملية الإتفاق على النقاط الـ 13 الحدودية المختلف عليها. بموجب ذلك تنسحب اسرائيل من كافة المناطق اللبنانية التي لا تزال تحتلها الى الحدود المعترف بها دوليًا. كما نؤكد التمسك بأهمية دور قوات حفظ السلام (اليونيفيل) البنَّاء العاملة في جنوب لبنان التي ساهمت منذ تأسيسها بإرساء الهدوء والاستقرار في المنطقة، حيث لم تحصل لغاية 8 اكتوبر ٢٠٢٣ حوادث تهدد السلم والأمن الإقليميين. كما نشكر اليونيفيل على تضحياتها الكبيرة وما تواجهه من تحديات، لا سيما خلال الأشهر والأيام الأخيرة".
تابع: "أما على المقلب الآخر، فبدل أن تشبع إسرائيل من الحروب المتواصلة والقتال منذ أكثر من 75 عاما، نراها تجنح أكثر فأكثر نحو التطرف. فأخطر التحديات اليوم التي يواجهها لبنان يتمثل في العدوان المتدحرج، حيث اتسعت أخيرًا رقعة الحرب لتشمل عمق المناطق اللبنانية. كما يزيد من قلقنا أيضًا التدمير الممنهج الذي تتعرض له القرى الحدودية اللبنانية، والعقاب الجماعي للسكان، وحرق الأراضي الزراعية بالفوسفور الأبيض، وجعلها غير قابلة للإستثمار لسنوات طويلة. وقد شهدنا الأيام الماضية نموذجًا قبيحًا"، ومقززًا لكيفية استعمال أجهزة إلكترونية مخصصة للاستخدام المدني الى قنابل موقوتة، تم تفجيرها عمدًا، وبصورة متزامنة، فحصدت عشرات الأشخاص، بينهم أطفال ونساء وإصابة آلاف الجرحى، ومنهم مئات في حال خطرة، بالإضافة إلى مئات آخرين تعرضوا لتشوهات جسدية، أوفقدوا أحد أطرافهم، أو بصرهم بالكامل. ومن على هذا المنبر، نجدد تحذيرنا من العدوان المتزايد، والخفة، واللعب بالنار، ومحاولة جر الشرق الأوسط برمته الى الانفجار الكبير".
وقال: "نكرر مجددًا رفضنا للحرب، وحقنا المشروع بالدفاع عن النفس وفقا لميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، بالتزامن مع سعينا الدؤوب من خلال اتصالاتنا ولقاءاتنا لتجنب الوقوع في شباك التهور الاسرائيلي الساعي الى إستمرار الحرب، وتوسيعها".
تابع: "إن عودة النازحين الإسرائيليين الى بلداتهم، ومستوطناتهم لن تتحقق بالحرب والقصف والقتال وتهجير أوسع للبنانيين. أقصر الطرق الى عودتهم، هي بالوقف الشامل والفوري لإطلاق النار وفقًا للبيان الأميركي - الفرنسي الصادر بالأمس والمدعوم من دول صديقة. ان التطبيق الشامل والكامل للقرار 1701، ضمن سلة متكاملة، بضمانات دولية واضحة، معلنة، وشفافة، يتزامن مع وقف نهائي للخروق الاسرائيلية البرية، والبحرية، والجوية، لسيادة لبنان، وحدوده المعترف بها دوليا، وقد تخطت الـ 35 الف خرق منذ العام 2006 لتاريخه. ألم تشبع إسرائيل حروبا" متواصلة منذ العام 1948؟ متى سيحين الوقت كي تعطي إسرائيل فرصة حقيقية للسلام. ألا ترغب بأن تجرب طريق السلام مرة أقله حتى تصل الى نهايته، بدل لغة الحديد والنار والدم والدمار؟".
أضاف: "لقد اختار لبنان والدول العربية السلام، بصورة واضحة لا لبس فيها ، من خلال مبادرة السلام العربية الصادرة عن القمة العربية في بيروت عام 2002، وموافقتهم على حل الدولتين، ومطالبتهم بتطبيق قرارات الامم المتحدة، التي بقيت للأسف حبرًا على ورق. والآن على اسرائيل كل اسرائيل حكومة، وشعباً أن تريد فعلاً السلام وتختاره بدلاً من الحرب، وأن تتخطى هواجسها الأمنية. إن كسر دوامة العنف في المنطقة، ووقف التصعيد، وإحتمال إنفجار الشرق الاوسط برمته يستلزم أيضاً العمل الجماعي ضمن إطار زمني، ومحدد، وبضمانات واضحة للإعتراف بالحقوق المشروعة، وفي مقدمتها حق تقرير المصير وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. فلا سلام من دون حل الدولتين، مهما طال الزمن".
وقال: "نجدّد دعوتنا لإيجاد حل مستدام، وتطبيق كامل ومتوازن لقرار مجلس الأمن الـ 1701، وإظهار حدودنا البرية المعترف بها دوليًا، بما يجنب لبنان والمنطقة المزيد من الحروب والخراب. إننا نمر بفترة صعبة للغاية، تتسم بالتصعيد المأسوي للعنف في لبنان. ومن قلب الصراع، يشكل قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، خط الدفاع الأول عن لبنان. وهذا القرار ليس مجرّد وثيقة أو إطار عمل، بل يمثل التزاماً من المجتمع الدولي بالحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي. ولا يمكننا أن نحيد عن هذا المسار، لأنه يشكل الأساس القانوني والدبلوماسي الذي يضمن حماية الأمن اللبناني والإقليمي. إن التزام القرار 1701 أمر ضروري ليس فقط للبنان بل لإسرائيل أيضا، والمنطقة برمتها. إنها أفضل أداة لدى المجتمع الدولي لإيقاف دوامة العنف لكي تسود الديبلوماسية، مهما كانت الطريق إليها صعبة. إن تكلفة الفشل الديبلوماسي مرتفعة للغاية. وعلينا ألا ننسى أن مع كلّ جولة عنف معاناة لا يمكن تصورها، بخاصة بالنسبة إلى المدنيين. إن مقتل أي مدني مأساة لا يمكن القبول بها ومن المستحيل تبريرها. عندما يتم استهداف المناطق المدنية بشكل ممنهج كما هو حاصل، فإننا نتحدث عن أعمال ترقى إلى جرائم الحرب. ولا شيء يمكن أن يبرر القتل العشوائي للأبرياء. ولكن بينما نحن نتحدث عن الموت والدمار، يجب علينا أيضًا أن نركزّ على إيجاد الحلول".
ختم: "إن الوقت ينفد، ومن الأهمية بمكان أن نجد مساراً سياسياً للخروج من هذه الأزمة المتفاقمة. والسبيل الوحيد للمضي قدما هو التوصل إلى حل سياسي. يجب علينا أن نفكر معاً حول كيفية الخروج سياسيًا من هذه الأزمة، بدلاً من الغرق أكثر في عسكرة الصراع وتعميقه، وإطالته. الديبلوماسية ليست دائماً سهلة، ولكنها الطريقة الوحيدة لإنقاذ الأرواح والأبرياء والأوطان. ولبنان مصممّ على السير على هذا الطريق. إن لبنان يرى في المبادرة الأميركية - الفرنسية، بدعم دول صديقة أخرى فرصة لالتقاط الأنفاس، وفتح ثغرة في كوة هذه الأزمة، لعل إسرائيل تلتقطها، على الديبلوماسية أن تنجح. لا خيار آخر لدينا".