المنجل".. رمز لعملية "حصد" بقايا نظام بوتفليقة
وال-{باهتمام بالغ، يتابع الجزائريون إقالات وملاحقات قضائية شملت رجال أعمال وشخصيات نافذة في نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة (أدار الحكم من 1999 - 2019).
لكن المثير أن عملية تطهير بقايا نظام بوتفليقة (82 عاما) أُطلق عليها اسم "المنجل"، وهو آلة زراعية تقليدية تُستخدم للحصاد.
فقد وجد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في كلمة "منجل" الرمز للدلالة على الملاحقات القضائية والإقالات بحق محسوبين على بوتفليقة، الذي أجبرته احتجاجات شعبية على الاستقالة في الثاني من أبريل/ نيسان الماضي.
وبينما ما يزال الوضع السياسي يراوح مكانه، شهدت الإقالات والملاحقات على خلفية اتهامات بالفساد وأخرى مرتبطة بالأمن القومي، تسارعا لافتا، منذ أن تنحَّى بوتفليقة الذي يعاني من متاعب صحية منذ سنوات.
** "تنحية العصابة"
منذ بداية المسيرات السلمية في 22 فبراير/ شباط الماضي، ضد ترشح بوتفليقة آنذاك لولاية رئاسية خامسة، رفع المتظاهرون شعارات، منها: "أكلتم البلاد أيها السارقون"، و"جئنا لتنحية العصابة".
وأكثر المطالب الشعبية إلحاحا في الأسابيع الأخيرة، هو تنحية بقايا نظام بوتفليقة، وخاصة رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، ورئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، معاذ بوشارب.
واعتمد الجيش الجزائري كلمة "العصابة" في خطابات قائد الأركان، الفريق أحمد قايد صالح، منذ الثاني من الشهر الماضي.
وشدد صالح على ضرورة تطهير مؤسسات الدولة من "الألغام"، التي تركها نظام بوتفليقة، مطالبا المحتجين بالصبر والحكمة حتى تحقيق "كافة المطالب".
وتُرجم "التطهير" في إقالات متتالية شملت مناصب عليا في رئاسة الجمهورية، وهيئات مكافحة الفساد، والقضاء، وولاة (محافظين)، ومؤسسات حيوية أخرى، مثل الجمارك، والبنك المركزي وشركة اتصالات الجزائر.
** أقوى رجالات بوتفليقة
منذ الشهر الماضي، مثلت أسماء بارزة من رجال أعمال وشخصيات تقلدت مناصب عليا في نظام بوتفليقة، أمام القضاء كمتهمين وشهود، ومنهم من أودع في الحبس المؤقت.
في السادس من مايو/ أيار الجاري، أودع سعيد، وهو الشقيق الأصغر لبوتفليقة، والقائدَين السابقَين لجهاز المخابرات الفريق محمد مدين، واللواء بشير طرطاق، الحبس العسكري؛ بتهمة التآمر على سلطة الجيش وسلطة الدولة.
وبسبب التهمة ذاتها أودعت رئيسة حزب العمال، لويزة حنون، الحبس المؤقت.
وأقال رئيس الدولة، الشهر الماضي، كلا من مدير التشريفات، والسكرتير الخاص للرئيس، والأمين العام للرئاسة، ومستشارين وكوادر مقربة جدا من بوتفليقة.
وتفيد معطيات بأن حملة الإقالات ستشمل مؤسسات اقتصادية، وخاصة البنوك.
** ثورة المنجل
أكثر ما يصنع الحدث ويفجر النقاشات على فضاءات التواصل الاجتماعي هو خطابات الجيش، وما تحمله من رسائل، وهوية المعتقلين والمستدعَون للتحقيق، وكذا المقالون.
وسريعا، انتشر "المنجل" كرمز لعملية واسعة باشرها كل من القضاء المدني والعسكري ضد عشرات من رجال الأعمال وكوادر رفيعة المستوى من نظام بوتفليقة.
** دلالة الرمز
بالنسبة للمختص في علم الاجتماع، محمد قارة، فإن "المنجل هو آلة يدوية تقليدية تستعمل في حصد القمح والشعير والحشيش".
ويقول قارة للأناضول: "يتميز المنجل بفعاليته وقدرته على حصد أكبر عدد ممكن من السنابل في الوقت نفسه، وكذا القدرة على التحكم فيه من طرف مستعمله".
ويتابع أن "المنجل يدل في الخيال الاجتماعي للمجتمع الجزائري على العمل الشاق الدؤوب والشريف لكسب الرزق".
ويوضح قارة أن "الثورات منبت خصب لظهور كلمات جديدة كرموز معبرة عن مختلف التوجهات والتيارات".
ويلفت إلى رمز "المنجل، الذي انتشر بالتوازي مع بروز ما تسمى بعملية التطهير التي تنفذها قيادة الجيش، "تعود بوادره إلى سنة 2015، عندما تمت الإطاحة بالجنرال محمد مدين من قيادة المخابرات، وكذلك العديد من المسؤولين العسكريين".
** تطهير مستمر
أما المحلل السياسي، عبد العالي رزاقي، فيقول إن رواد مواقع التواصل الاجتماعي لم يخطئوا في اعتماد "المنجل" كرمز لمكافحة الفساد وإبعاد بقايا نظام بوتفليقة من مؤسسات الدولة.
ويضيف رزاقي للأناضول: "كثيرون كانوا يعتقدون أن فتح ملفات كبرى من جانب القضاء هي مجرد ملهاة، والحقيقة أن شخصيات نافذة جدا تقبع اليوم في السجون".
ويمضي قائلا إن "حملة التطهير التي يرمز إليها بالمنجل، تمس كل من شارك في محاولة الانقلاب على قيادة الأركان والدخول بالبلاد في فراغ دستوري".
وأعلنت قيادة الجيش الجزائري، في 30 مارس/ آذار الماضي، عن "اجتماع مشبوه كان يهدف إلى ضرب مصداقية المؤسسة العسكرية، وإصدار قرارات غير دستورية".
ويتردد أن ذلك الاجتماع ضم سعيد بوتفليقة ومسؤولين سابقين، بينهم القائدان السابقان للمخابرات، وبحث كيفية التغلب على الحراك الشعبي المناهض للرئيس بوتفليقة آنذاك.
ويتوقع رزاقي أن العملية "ستستمر إلى النهاية، عبر تحريك كل الملفات الممكنة في القضاء العسكري والمدني، قبل الذهاب للحل الدستوري والسياسي للأزمة، والذي سيفضي إلى تنظيم انتخابات".
وشهدت مدن جزائرية، في مقدمتها العاصمة الجمعة الماضية، احتجاجات للمطالبة برحيل رموز نظام بوتفليقة، ورفض انتخابات رئاسية دعا الرئيس المؤقت إلى إجرائها في 4 يوليو/ تموز الماضي.
** مؤيد ومعارض
عمليات استقطاب واسعة شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض للتعامل الراهن مع بقايا النظام السابق.
اتخذ المؤيدون لتطهير مؤسسات الدولة "المنجل" رمزا للدلالة على الحرب على الفساد، بينما يخشى المعارضون من أن "المحاسبة" قد تأخذ طابعا انتقاميا في ظل الانسداد السياسي الحالي، ووجود القوانين ذاتها التي كانت موجودة في عهد بوتفليقة.
وكتب الناشط السياسي، محمد هندو، عبر صفحته على فيسبوك: "إذا كان المقصود بالمنجل هو الحصد الانتقائي لأناس متورطين فعليا في فساد أو إجرام أمني أو سياسي أو مالي، بوصفهم خصوما على الاستئثار بمشروع السلطة، فيا له من عهد يبدأ بالزيف والكذب والاصطفافات الضيقة، على ظهر الشعب مرة أخرى".
وتابع هندو: "وإذا كان المقصود بالمنجل المحاسبة المبدئية لكل أعداء الوطن والدولة والشعب، بالحق والعدل والنزاهة، بدءا بالرؤوس بدءا بالأذرع بدءا بالأرجل، فيا أهلا ومرحبا".
وردّا على من يصور المشهد على أنه تصفية حسابات بين العُصب، كتب الإعلامي الجزائري بقناة "الجزيرة"، حاتم غندير، أن "طرفا متورط في الصراع لجهة ثانية يتألم من المنجل"، وفق صفحته على "فيسبوك".
لكن المثير أن عملية تطهير بقايا نظام بوتفليقة (82 عاما) أُطلق عليها اسم "المنجل"، وهو آلة زراعية تقليدية تُستخدم للحصاد.
فقد وجد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في كلمة "منجل" الرمز للدلالة على الملاحقات القضائية والإقالات بحق محسوبين على بوتفليقة، الذي أجبرته احتجاجات شعبية على الاستقالة في الثاني من أبريل/ نيسان الماضي.
وبينما ما يزال الوضع السياسي يراوح مكانه، شهدت الإقالات والملاحقات على خلفية اتهامات بالفساد وأخرى مرتبطة بالأمن القومي، تسارعا لافتا، منذ أن تنحَّى بوتفليقة الذي يعاني من متاعب صحية منذ سنوات.
** "تنحية العصابة"
منذ بداية المسيرات السلمية في 22 فبراير/ شباط الماضي، ضد ترشح بوتفليقة آنذاك لولاية رئاسية خامسة، رفع المتظاهرون شعارات، منها: "أكلتم البلاد أيها السارقون"، و"جئنا لتنحية العصابة".
وأكثر المطالب الشعبية إلحاحا في الأسابيع الأخيرة، هو تنحية بقايا نظام بوتفليقة، وخاصة رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، ورئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، معاذ بوشارب.
واعتمد الجيش الجزائري كلمة "العصابة" في خطابات قائد الأركان، الفريق أحمد قايد صالح، منذ الثاني من الشهر الماضي.
وشدد صالح على ضرورة تطهير مؤسسات الدولة من "الألغام"، التي تركها نظام بوتفليقة، مطالبا المحتجين بالصبر والحكمة حتى تحقيق "كافة المطالب".
وتُرجم "التطهير" في إقالات متتالية شملت مناصب عليا في رئاسة الجمهورية، وهيئات مكافحة الفساد، والقضاء، وولاة (محافظين)، ومؤسسات حيوية أخرى، مثل الجمارك، والبنك المركزي وشركة اتصالات الجزائر.
** أقوى رجالات بوتفليقة
منذ الشهر الماضي، مثلت أسماء بارزة من رجال أعمال وشخصيات تقلدت مناصب عليا في نظام بوتفليقة، أمام القضاء كمتهمين وشهود، ومنهم من أودع في الحبس المؤقت.
في السادس من مايو/ أيار الجاري، أودع سعيد، وهو الشقيق الأصغر لبوتفليقة، والقائدَين السابقَين لجهاز المخابرات الفريق محمد مدين، واللواء بشير طرطاق، الحبس العسكري؛ بتهمة التآمر على سلطة الجيش وسلطة الدولة.
وبسبب التهمة ذاتها أودعت رئيسة حزب العمال، لويزة حنون، الحبس المؤقت.
وأقال رئيس الدولة، الشهر الماضي، كلا من مدير التشريفات، والسكرتير الخاص للرئيس، والأمين العام للرئاسة، ومستشارين وكوادر مقربة جدا من بوتفليقة.
وتفيد معطيات بأن حملة الإقالات ستشمل مؤسسات اقتصادية، وخاصة البنوك.
** ثورة المنجل
أكثر ما يصنع الحدث ويفجر النقاشات على فضاءات التواصل الاجتماعي هو خطابات الجيش، وما تحمله من رسائل، وهوية المعتقلين والمستدعَون للتحقيق، وكذا المقالون.
وسريعا، انتشر "المنجل" كرمز لعملية واسعة باشرها كل من القضاء المدني والعسكري ضد عشرات من رجال الأعمال وكوادر رفيعة المستوى من نظام بوتفليقة.
** دلالة الرمز
بالنسبة للمختص في علم الاجتماع، محمد قارة، فإن "المنجل هو آلة يدوية تقليدية تستعمل في حصد القمح والشعير والحشيش".
ويقول قارة للأناضول: "يتميز المنجل بفعاليته وقدرته على حصد أكبر عدد ممكن من السنابل في الوقت نفسه، وكذا القدرة على التحكم فيه من طرف مستعمله".
ويتابع أن "المنجل يدل في الخيال الاجتماعي للمجتمع الجزائري على العمل الشاق الدؤوب والشريف لكسب الرزق".
ويوضح قارة أن "الثورات منبت خصب لظهور كلمات جديدة كرموز معبرة عن مختلف التوجهات والتيارات".
ويلفت إلى رمز "المنجل، الذي انتشر بالتوازي مع بروز ما تسمى بعملية التطهير التي تنفذها قيادة الجيش، "تعود بوادره إلى سنة 2015، عندما تمت الإطاحة بالجنرال محمد مدين من قيادة المخابرات، وكذلك العديد من المسؤولين العسكريين".
** تطهير مستمر
أما المحلل السياسي، عبد العالي رزاقي، فيقول إن رواد مواقع التواصل الاجتماعي لم يخطئوا في اعتماد "المنجل" كرمز لمكافحة الفساد وإبعاد بقايا نظام بوتفليقة من مؤسسات الدولة.
ويضيف رزاقي للأناضول: "كثيرون كانوا يعتقدون أن فتح ملفات كبرى من جانب القضاء هي مجرد ملهاة، والحقيقة أن شخصيات نافذة جدا تقبع اليوم في السجون".
ويمضي قائلا إن "حملة التطهير التي يرمز إليها بالمنجل، تمس كل من شارك في محاولة الانقلاب على قيادة الأركان والدخول بالبلاد في فراغ دستوري".
وأعلنت قيادة الجيش الجزائري، في 30 مارس/ آذار الماضي، عن "اجتماع مشبوه كان يهدف إلى ضرب مصداقية المؤسسة العسكرية، وإصدار قرارات غير دستورية".
ويتردد أن ذلك الاجتماع ضم سعيد بوتفليقة ومسؤولين سابقين، بينهم القائدان السابقان للمخابرات، وبحث كيفية التغلب على الحراك الشعبي المناهض للرئيس بوتفليقة آنذاك.
ويتوقع رزاقي أن العملية "ستستمر إلى النهاية، عبر تحريك كل الملفات الممكنة في القضاء العسكري والمدني، قبل الذهاب للحل الدستوري والسياسي للأزمة، والذي سيفضي إلى تنظيم انتخابات".
وشهدت مدن جزائرية، في مقدمتها العاصمة الجمعة الماضية، احتجاجات للمطالبة برحيل رموز نظام بوتفليقة، ورفض انتخابات رئاسية دعا الرئيس المؤقت إلى إجرائها في 4 يوليو/ تموز الماضي.
** مؤيد ومعارض
عمليات استقطاب واسعة شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض للتعامل الراهن مع بقايا النظام السابق.
اتخذ المؤيدون لتطهير مؤسسات الدولة "المنجل" رمزا للدلالة على الحرب على الفساد، بينما يخشى المعارضون من أن "المحاسبة" قد تأخذ طابعا انتقاميا في ظل الانسداد السياسي الحالي، ووجود القوانين ذاتها التي كانت موجودة في عهد بوتفليقة.
وكتب الناشط السياسي، محمد هندو، عبر صفحته على فيسبوك: "إذا كان المقصود بالمنجل هو الحصد الانتقائي لأناس متورطين فعليا في فساد أو إجرام أمني أو سياسي أو مالي، بوصفهم خصوما على الاستئثار بمشروع السلطة، فيا له من عهد يبدأ بالزيف والكذب والاصطفافات الضيقة، على ظهر الشعب مرة أخرى".
وتابع هندو: "وإذا كان المقصود بالمنجل المحاسبة المبدئية لكل أعداء الوطن والدولة والشعب، بالحق والعدل والنزاهة، بدءا بالرؤوس بدءا بالأذرع بدءا بالأرجل، فيا أهلا ومرحبا".
وردّا على من يصور المشهد على أنه تصفية حسابات بين العُصب، كتب الإعلامي الجزائري بقناة "الجزيرة"، حاتم غندير، أن "طرفا متورط في الصراع لجهة ثانية يتألم من المنجل"، وفق صفحته على "فيسبوك".