هل الليرة حقا بخير؟
وال-يواجه لبنان، للمرة الأولى منذ عقدين متتاليين، تحديا جديا في إثبات القدرات الموضوعية للحفاظ على استقرار العملة الوطنية والمدى الزمني المرتقب لفاعليتها، وذلك في ظل اشتداد الضغوط السوقية المتولدة من تراجع النمو الاقتصادي إلى أقل من واحد في المائة، والتخوف من دخوله مسار الانكماش السلبي هذا العام، بموازاة تفاقم المشكلات البنيوية في المالية العامة وارتفاع عجز الموازنة إلى نحو 6.3 مليار دولار بما يمثل نحو 11.2 في المائة من الناتج المحلي. بينما يعجز القطاع المالي عن مواصلة مهمته في ردم جزء من هذه الفجوات ومواصلة النمو في مجمل المؤشرات الرئيسية، رغم حيازة المصارف وإدارتها لأصول (موجودات) مالية تناهز ربع تريليون دولار (253 مليار دولار).
وفي انتظار تفعيل مجلس النواب لقانون الموازنة العامة المتأخرة 7 أشهر عن بدء العام المالي، ووضوح المقاربة الحكومية للإصلاح المالي المرتقب محليا ودوليا في موازنة العام 2020، يتسم الحديث عن «وضع الليرة» بحساسية عالية في الأوساط اللبنانية كافة، بسبب تأثيراته المؤكدة على القدرات الشرائية للمداخيل للعاملين في القطاعين العام والخاص معا، وتقديم الاستقرار النقدي كعامل أساسي محفز لنمو الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي.
لكن الصورة بدأت بالتبدل جزئيا في التساؤلات والمجالس العامة والخاصة بعد تنامي المخاوف من تداعيات خفض التصنيف السيادي، والارتفاع الحاد في «كلفة حماية» سعر الصرف، والتي ترتد بدورها على التوازن المالي للبلاد، وعلى قطاعات الإنتاج وفي مقدمها القطاع العقاري، وما يتصل به من مستلزمات للبناء وعمالة متنوعة بفعل انسداد قنوات التمويل. فيما فرض عجز الدولة عن المواكبة والمعالجة على البنك المركزي توسيع نطاق عملياته و«هندساته» المالية، بهدف جذب التوظيفات ولو بفوائد مرتفعة، ليزيد بالتالي مستوى انكشاف الجهاز المصرفي على الديون الحكومية.
ويكرر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مداخلاته ومجالسه تأكيداته على حماية الاستقرار النقدي. وتحظى هذه السياسة بمظلة حكومية وسياسية واسعة، تعززت بعد خفوت الآراء المعترضة والمنتقدة، مقابل توالي صدور تقارير دولية خلال السنوات الماضية مؤيدة لهذه السياسة صراحة - أو ضمنا - من خلال الإشادة بقدرة القطاع المالي اللبناني على النمو القوي وتجنب الأزمات الطارئة في الأسواق الدولية، ونجاح المصارف في التزام منظومة رقابية تتطابق مع أرقى المعايير الدولية ومتطلبات مكافحة غسل الأموال والجرائم المالية، والحفاظ على علاقات إيجابية مع البنوك المراسلة رغم التشدد في انسياب العمليات المالية عبر الحدود وتكاثر لوائح العقوبات الدولية والسيادية بحق شخصيات وجمعيات وأحزاب ودول في المنطقة وخارجها.
ويصنف البنك المركزي الحفاظ على استقرار سعر الصرف في مقدمة أهداف السياسة النقدية، إلى جانب «الاستقرار النسبي لنسبة الفائدة، وحمایة استقرار القطاعین المالي والمصرفي، وتطویر الأسواق المالیة، وتعزیز أنظمة الدفع وعملیات تحویل الأموال وإدارة السیولة، واستهداف التضخم، والمساهمة في إدارة الدين العام وصولا إلى زيادة الثروة الوطنية للبلاد». ويعتمد في حماية هذا الخيار الاستراتيجي على القواعد السوقية البحتة عبر التدخل بائعا وشاريا في سوق القطع ضمن الهامش المحدد بين 1501 و1514 ليرة لكل دولار.. ومستندا إلى احتياط العملات الصعبة البالغ حاليا نحو 32 مليار دولار، واحتياط ذهب تناهز قيمته الحالية نحو 12 مليار دولار، مع احترام مقتضيات التقييد التشريعي الذي يمنع التصرف بأي صورة.
ورغم حالة الإنكار أو التفسير «الكيفي» للمغزى الحقيقي الذي ترمي إليه التحذيرات المستجدة والمتتالية الصادرة عن مؤسسات مالية دولية وبالأخص بما يتعلق بتأثير الأزمات الاقتصادية والمالية العامة على نظام سعر الصرف، تتنامى الإشارات المؤكدة للعجز المزدوج لدى القطاعين العام والخاص في مواصلة «المعالجة بالمسكنات». فالدولار «عزيز» ومطلوب ومنتج لعوائد وصلت أخيرا إلى 15 في المائة في ظل اندفاع العجز التراكمي لميزان المدفوعات بمتوسط مليار دولار شهريا منذ منتصف العام الماضي، وتزداد حدة الإرباكات في الأسواق المالية في ظل ارتفاع كلفة التأمين على السندات الحكومية إلى نحو 10 في المائة (قياسا بالسندات الأميركية)، وتنحدر قيمة الأوراق والأسهم المصدرة من مؤسسات كبرى إلى نحو نصف قيمها الدفترية، وترتفع نسبة الدولرة (مدخرات محررة بالدولار) في الودائع المصرفية إلى نحو 74 في المائة من إجمالي الودائع.
وفي مقابل «الترميز» الذي استخلصته بعثة صندوق النقد الدولي لجهة مقاربة الموضوع النقدي، عبر أحدث تقرير لمفوضية الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي حول لبنان عن تقييم مباشر وصريح بشأن سعر الصرف. وملخصه أن «الضعف المستمر في الاقتصاد، وخصوصاً تفاقم مشكلة العجز المالي والدين العام يجعل الليرة اللبنانية عملياً مقيمة بأعلى من قيمتها الحقيقية، وهذا سيضغط مع الوقت على احتياطات البنك المركزي، وهو بات يضعف تنافسية الصادرات اللبنانية والسياحة والخدمات. لكن من ناحية أخرى، فإن فك الربط أو تعويم سعر الصرف، ورغم الفوائد المباشرة التي قد يحققها على صعيد تنافسية الاقتصاد، فإنه سيتسبب بإطلاق ديناميكية تضخم، وفي الوقت نفسه انكماش في الإقراض وركود اقتصادي، كما إنه سيرفع تكلفة الدين الخارجي بالعملة اللبنانية ويخلق احتمالاً قوياً بتوقف لبنان عن خدمة الدين، مما قد يتسبب بدوره بهزة للقطاع المصرفي».
وتعود أهمية التقرير، الذي أعدته مجموعة من الخبراء الأوروبيين بالتعاون مع المفوضية الأوروبية في بيروت، إلى الدور الحيوي الذي تولته المفوضية في التحضير لمؤتمر المانحين «سيدر»، والمعول عليه بالمساهمة الأكبر في الإنقاذ الاقتصادي والمالي، بعدما وعد لبنان بمنح وقروض تناهز 11 مليار دولار، مع اشتراط انخراط الحكومة بإصلاحات موازية تتركز خصوصا بخفض عجز الموازنة العامة إلى 5 في المائة من الناتج المحلي. وفي خلاصته، وفقا لما أوردنه مجموعة «الاقتصاد والأعمال»، تحذيرات واضحة بأن لبنان يقترب من الهاوية، واستعراض شامل للمعطيات التي تظهر أن القدرة التقليدية للبنان على التكيّف مع الأوضاع الصعبة استنفذت عناصرها؛ مما قد يدخل البلد - وفي وقت قصير - في أزمة غير مسبوقة في عمقها ومخاطرها.
ولا يختلف كثيرا تقييم صندوق النقد عن مضمون المفوضية الأوروبية. فهو يعتبر أن «التنفيذ الدؤوب لبرنامج إصلاحي قوي ومترابط عاملا بالغ الأهمية للحفاظ على الثقة. فإعادة التوازن للاقتصاد في الإطار الحالي لنظام سعر الصرف الثابت أمام الدولار الأميركي تتطلب عملية ضبط مالي كبيرة وموثوقة، يتم تنفيذها بقوة وإصلاحات هيكلية طموحة. ولن يتحسن الاستثمار والنمو والصادرات إلا بتحقيق تحسن كبير في مناخ الأعمال والحوكمة».
وإذ يؤكد تقرير الصندوق أن «مصرف لبنان كان ركيزة الاستقرار المالي والكيان الحارس لنظام سعر الصرف»، يعتبر أن ذلك «جاء على حساب تكثيف الروابط بين البنوك والمالية العامة وإثقال كاهل ميزانيته العمومية. وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، وفرت العمليات النقدية التي يقوم بها مصرف لبنان عائدات حدية كبيرة بالليرة اللبنانية على الودائع الجديدة للبنوك بالدولار الأميركي لدى المصرف. ونتيجة لذلك، أصبحت الأوراق المالية الحكومية والودائع لدى مصرف لبنان تشكل الآن 14 و55 في المائة على الترتيب من أصول البنوك؛ حيث يبلغ حجم الانكشاف الكلي على الديون السيادية 68.5 في المائة من الأصول (أكثر من 8 أضعاف رأس المال الأساسي)».
بالإضافة إلى ذلك، اضطر مصرف لبنان إلى اعتماد سياسة نقدية انكماشية لموازنة أثر سياسة المالية العامة التيسيرية، ما ساهم في انخفاض القروض إلى القطاعات المنتجة. فقد أدت عمليات المصرف المركزي إلى تمكين البنوك من تقديم أسعار فائدة مرتفعة للمودعين بهدف الاحتفاظ بالودائع التي مولت العجز المزدوج في لبنان لفترة طويلة ولجذب ودائع جديدة. غير أن هذه العمليات تسببت أيضا في رفع أسعار الفائدة على القروض. وأدى ذلك بدوره إلى مزيد من الانخفاض في القروض المقدَّمة للقطاع الخاص وارتفاع حجم القروض المتعثرة تحت وطأة بيئة اقتصادية صعبة. وتؤكد هذه التطورات على الضرورة الملحة للضبط المالي الذي سيحقق انخفاضا في أسعار الفائدة.
المصدر: الشرق الاوسط
وفي انتظار تفعيل مجلس النواب لقانون الموازنة العامة المتأخرة 7 أشهر عن بدء العام المالي، ووضوح المقاربة الحكومية للإصلاح المالي المرتقب محليا ودوليا في موازنة العام 2020، يتسم الحديث عن «وضع الليرة» بحساسية عالية في الأوساط اللبنانية كافة، بسبب تأثيراته المؤكدة على القدرات الشرائية للمداخيل للعاملين في القطاعين العام والخاص معا، وتقديم الاستقرار النقدي كعامل أساسي محفز لنمو الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي.
لكن الصورة بدأت بالتبدل جزئيا في التساؤلات والمجالس العامة والخاصة بعد تنامي المخاوف من تداعيات خفض التصنيف السيادي، والارتفاع الحاد في «كلفة حماية» سعر الصرف، والتي ترتد بدورها على التوازن المالي للبلاد، وعلى قطاعات الإنتاج وفي مقدمها القطاع العقاري، وما يتصل به من مستلزمات للبناء وعمالة متنوعة بفعل انسداد قنوات التمويل. فيما فرض عجز الدولة عن المواكبة والمعالجة على البنك المركزي توسيع نطاق عملياته و«هندساته» المالية، بهدف جذب التوظيفات ولو بفوائد مرتفعة، ليزيد بالتالي مستوى انكشاف الجهاز المصرفي على الديون الحكومية.
ويكرر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مداخلاته ومجالسه تأكيداته على حماية الاستقرار النقدي. وتحظى هذه السياسة بمظلة حكومية وسياسية واسعة، تعززت بعد خفوت الآراء المعترضة والمنتقدة، مقابل توالي صدور تقارير دولية خلال السنوات الماضية مؤيدة لهذه السياسة صراحة - أو ضمنا - من خلال الإشادة بقدرة القطاع المالي اللبناني على النمو القوي وتجنب الأزمات الطارئة في الأسواق الدولية، ونجاح المصارف في التزام منظومة رقابية تتطابق مع أرقى المعايير الدولية ومتطلبات مكافحة غسل الأموال والجرائم المالية، والحفاظ على علاقات إيجابية مع البنوك المراسلة رغم التشدد في انسياب العمليات المالية عبر الحدود وتكاثر لوائح العقوبات الدولية والسيادية بحق شخصيات وجمعيات وأحزاب ودول في المنطقة وخارجها.
ويصنف البنك المركزي الحفاظ على استقرار سعر الصرف في مقدمة أهداف السياسة النقدية، إلى جانب «الاستقرار النسبي لنسبة الفائدة، وحمایة استقرار القطاعین المالي والمصرفي، وتطویر الأسواق المالیة، وتعزیز أنظمة الدفع وعملیات تحویل الأموال وإدارة السیولة، واستهداف التضخم، والمساهمة في إدارة الدين العام وصولا إلى زيادة الثروة الوطنية للبلاد». ويعتمد في حماية هذا الخيار الاستراتيجي على القواعد السوقية البحتة عبر التدخل بائعا وشاريا في سوق القطع ضمن الهامش المحدد بين 1501 و1514 ليرة لكل دولار.. ومستندا إلى احتياط العملات الصعبة البالغ حاليا نحو 32 مليار دولار، واحتياط ذهب تناهز قيمته الحالية نحو 12 مليار دولار، مع احترام مقتضيات التقييد التشريعي الذي يمنع التصرف بأي صورة.
ورغم حالة الإنكار أو التفسير «الكيفي» للمغزى الحقيقي الذي ترمي إليه التحذيرات المستجدة والمتتالية الصادرة عن مؤسسات مالية دولية وبالأخص بما يتعلق بتأثير الأزمات الاقتصادية والمالية العامة على نظام سعر الصرف، تتنامى الإشارات المؤكدة للعجز المزدوج لدى القطاعين العام والخاص في مواصلة «المعالجة بالمسكنات». فالدولار «عزيز» ومطلوب ومنتج لعوائد وصلت أخيرا إلى 15 في المائة في ظل اندفاع العجز التراكمي لميزان المدفوعات بمتوسط مليار دولار شهريا منذ منتصف العام الماضي، وتزداد حدة الإرباكات في الأسواق المالية في ظل ارتفاع كلفة التأمين على السندات الحكومية إلى نحو 10 في المائة (قياسا بالسندات الأميركية)، وتنحدر قيمة الأوراق والأسهم المصدرة من مؤسسات كبرى إلى نحو نصف قيمها الدفترية، وترتفع نسبة الدولرة (مدخرات محررة بالدولار) في الودائع المصرفية إلى نحو 74 في المائة من إجمالي الودائع.
وفي مقابل «الترميز» الذي استخلصته بعثة صندوق النقد الدولي لجهة مقاربة الموضوع النقدي، عبر أحدث تقرير لمفوضية الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي حول لبنان عن تقييم مباشر وصريح بشأن سعر الصرف. وملخصه أن «الضعف المستمر في الاقتصاد، وخصوصاً تفاقم مشكلة العجز المالي والدين العام يجعل الليرة اللبنانية عملياً مقيمة بأعلى من قيمتها الحقيقية، وهذا سيضغط مع الوقت على احتياطات البنك المركزي، وهو بات يضعف تنافسية الصادرات اللبنانية والسياحة والخدمات. لكن من ناحية أخرى، فإن فك الربط أو تعويم سعر الصرف، ورغم الفوائد المباشرة التي قد يحققها على صعيد تنافسية الاقتصاد، فإنه سيتسبب بإطلاق ديناميكية تضخم، وفي الوقت نفسه انكماش في الإقراض وركود اقتصادي، كما إنه سيرفع تكلفة الدين الخارجي بالعملة اللبنانية ويخلق احتمالاً قوياً بتوقف لبنان عن خدمة الدين، مما قد يتسبب بدوره بهزة للقطاع المصرفي».
وتعود أهمية التقرير، الذي أعدته مجموعة من الخبراء الأوروبيين بالتعاون مع المفوضية الأوروبية في بيروت، إلى الدور الحيوي الذي تولته المفوضية في التحضير لمؤتمر المانحين «سيدر»، والمعول عليه بالمساهمة الأكبر في الإنقاذ الاقتصادي والمالي، بعدما وعد لبنان بمنح وقروض تناهز 11 مليار دولار، مع اشتراط انخراط الحكومة بإصلاحات موازية تتركز خصوصا بخفض عجز الموازنة العامة إلى 5 في المائة من الناتج المحلي. وفي خلاصته، وفقا لما أوردنه مجموعة «الاقتصاد والأعمال»، تحذيرات واضحة بأن لبنان يقترب من الهاوية، واستعراض شامل للمعطيات التي تظهر أن القدرة التقليدية للبنان على التكيّف مع الأوضاع الصعبة استنفذت عناصرها؛ مما قد يدخل البلد - وفي وقت قصير - في أزمة غير مسبوقة في عمقها ومخاطرها.
ولا يختلف كثيرا تقييم صندوق النقد عن مضمون المفوضية الأوروبية. فهو يعتبر أن «التنفيذ الدؤوب لبرنامج إصلاحي قوي ومترابط عاملا بالغ الأهمية للحفاظ على الثقة. فإعادة التوازن للاقتصاد في الإطار الحالي لنظام سعر الصرف الثابت أمام الدولار الأميركي تتطلب عملية ضبط مالي كبيرة وموثوقة، يتم تنفيذها بقوة وإصلاحات هيكلية طموحة. ولن يتحسن الاستثمار والنمو والصادرات إلا بتحقيق تحسن كبير في مناخ الأعمال والحوكمة».
وإذ يؤكد تقرير الصندوق أن «مصرف لبنان كان ركيزة الاستقرار المالي والكيان الحارس لنظام سعر الصرف»، يعتبر أن ذلك «جاء على حساب تكثيف الروابط بين البنوك والمالية العامة وإثقال كاهل ميزانيته العمومية. وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، وفرت العمليات النقدية التي يقوم بها مصرف لبنان عائدات حدية كبيرة بالليرة اللبنانية على الودائع الجديدة للبنوك بالدولار الأميركي لدى المصرف. ونتيجة لذلك، أصبحت الأوراق المالية الحكومية والودائع لدى مصرف لبنان تشكل الآن 14 و55 في المائة على الترتيب من أصول البنوك؛ حيث يبلغ حجم الانكشاف الكلي على الديون السيادية 68.5 في المائة من الأصول (أكثر من 8 أضعاف رأس المال الأساسي)».
بالإضافة إلى ذلك، اضطر مصرف لبنان إلى اعتماد سياسة نقدية انكماشية لموازنة أثر سياسة المالية العامة التيسيرية، ما ساهم في انخفاض القروض إلى القطاعات المنتجة. فقد أدت عمليات المصرف المركزي إلى تمكين البنوك من تقديم أسعار فائدة مرتفعة للمودعين بهدف الاحتفاظ بالودائع التي مولت العجز المزدوج في لبنان لفترة طويلة ولجذب ودائع جديدة. غير أن هذه العمليات تسببت أيضا في رفع أسعار الفائدة على القروض. وأدى ذلك بدوره إلى مزيد من الانخفاض في القروض المقدَّمة للقطاع الخاص وارتفاع حجم القروض المتعثرة تحت وطأة بيئة اقتصادية صعبة. وتؤكد هذه التطورات على الضرورة الملحة للضبط المالي الذي سيحقق انخفاضا في أسعار الفائدة.
المصدر: الشرق الاوسط