خيارات محدودة لإنقاذ النفط... انهيار الطلب وكورونا يشلان "أوبك+"
وال-مع الانهيار المدوّي لسعر النفط إلى قيمة سالبة لا سابق لها في التاريخ، يوم الإثنين، قبل أن يتعافى سعر الخام الأميركي الخفيف إلى فوق الصفر يقابله تراجع لافت لخام برنت القياسي الأوروبي، يوم الثلاثاء، بدا أن نفوذ الدول المنتجة، وفي طليعتها "منظمة الدول المصدرة للبترول" (أوبك) وحلفاؤها، قد أُصيب بالشلل.
تقرير صادر عن شبكة "بلومبيرغ" الأميركية لاحظ أن أكثر محاولة طموحة على الإطلاق لإنقاذ صناعة النفط العالمية قد اجتاحتها موجة وحشية من تدمير الطلب على البترول، وتمثل ذلك قبل أقل من أسبوعين، بتوافق أكبر منتجي العالم على خفض الإنتاج أملاً في الدفاع عن أسواق الطاقة ضد ويلات تفشي فيروس كورونا، في صفقة سهّلتها ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
لكن رغم ذلك، فإن الهبوط التاريخي يوم الإثنين، الذي انخفضت فيه أسعار النفط الخام إلى ما دون الصفر في الولايات المتحدة، جعل "أوبك" وشركاءها يدركون بشكل مؤلم حدود سلطاتهم، لدرجة أن بعض الدول في المجموعة تبحث بشكل يائس عن أي خطوات إضافية قد تتخذها لوقف التدهور، غير أن لديها قليلاً من الخيارات، وهو ما حصل عملياً في مشاورات أُجريت بين بعض المنتجين، يوم الثلاثاء، في محاولة لتعجيل تطبيق اتفاق خفض الإنتاج الأخير.
وفي هذا السياق، تقول رئيسة استراتيجية السلع في شركة "آر.بي.سي كابيتال ماركتس" RBC Capital Markets، هيليما كروفت، إن "أوبك+ تنخرط حالياً في محادثات جدية لإدارة الأزمة"، لكن، مع ذلك "ليس هناك الكثير مما يمكن لأوبك+ القيام به لوقف انهيار الطلب".
ومن الخيارات ما اقترحته الجزائر، التي تتولى الرئاسة الدورية لمنظمة "أوبك"، من تعجيل خفض الإمدادات الذي توافق المنتجون على أن يبدأ في الأول من مايو/ أيار المقبل، بحيث يدخل الاتفاق حيّز التنفيذ فوراً، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على الأجواء. لكن لم يكن هناك ما يشير إلى أن هذه الخطوة كانت مدعومة من قبل الأعضاء الرئيسيين في "أوبك"، أو أنها ستُحدث، في حال القيام بها، فرقاً كبيراً في هذه المرحلة.
وبالفعل، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر، أن المؤتمر الهاتفي، الذي عُقد يوم الثلاثاء، شاركت فيه دول أعضاء من "أوبك" هي الجزائر ونيجيريا وفنزويلا والعراق، إلى جانب عضوين من خارج المنظمة هما كازاخستان وآذربيجان، بينما لم يشارك فيه منتجون رئيسيون كالسعودية والإمارات والكويت، ولم يكن متوقعاً أصلاً أن يتخذ قرارات، بحسب المصادر.
ومع أن تخفيضات الإنتاج التي تعهدت بها "أوبك+" كانت كبيرة تاريخياً، فهي أقل بقليل من 10 ملايين برميل في اليوم أو حوالى 10% من العرض العالمي، إلا أنها تتضاءل تماماً قياساً بضخامة خسارة الطلب. إذ وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، سينخفض الاستهلاك بمقدار 29 مليون برميل يومياً في إبريل/ نيسان الجاري، اي أكثر من كل الخام الذي يضخه أعضاء "أوبك" الـ13.
اقــرأ أيضاً
إيران تقلّل من تأثير انهيار النفط على اقتصادها
الرئيس التنفيذي السابق لشركة النفط الإيطالية "إيني إس.بي.إيه" Eni SpA، باولو سكاروني، قال عن اتفاق "أوبك+" في مقابلة تلفزيونية مع "بلومبيرغ": "لقد فات الأوان، الاتفاق كان إنجازاً بسيطاً للغاية".
فقدان السيطرة
في حين قالت السعودية وروسيا، الأسبوع الماضي، إنهما "على استعداد لاتخاذ مزيد من الإجراءات" إذا لزم الأمر، فإن من غير الواضح ما إذا كانت لديهما فعلاً الشهية، أو القدرة، على التعمّق أكثر في الوقت الحالي.
إذ إن الاتفاق الحالي يتطلب تضحيات كبيرة من الرياض، وتقليص إنتاجها إلى أدنى مستوياته منذ عام 2011، ومن المحتمل أن تقدّم لمنافسيها في قطاع النفط الصخري الأميركي شريان حياة بارتفاع الأسعار، إذا حصل.
وبالنسبة لبقية المنتجين المنخرطين في الاتفاق، مثل روسيا والعراق، فمن غير المؤكد إلى حد كبير، ما إذا كانوا سينفذون حتى قيود العرض الطموحة المتفق عليها أصلاً، ناهيك عن الالتزام بمزيد من التخفيضات، لا سيما أنه كان للمصدرين سجل حافل في تنفيذ اتفاقيات "أوبك+" على مدى السنوات الثلاث المنصرمة.
اقــرأ أيضاً
أسعار برنت تهبط 11% والأميركي قرب 11 دولاراً للبرميل
وبدلاً من تكثيف جهودها، قد تحتاج "أوبك" وشركاؤها ببساطة إلى الالتزام بالخطة المتفق عليها والتغلب على العاصفة، بحسب "بلومبيرغ"، بما سيؤدي إلى تحميل عبء التعديل على المنتجين الآخرين، مثل الولايات المتحدة والبرازيل وكندا، الذين عرضوا حتى الآن على "أوبك+" أكثر بقليل من الدعم المعنوي.
وفي هذا الإطار، يقول محلل النفط في "مورغان ستانلي"، مارتين راتس، في مقابلة تلفزيونية مع "بلومبيرغ": "لقد وصلنا إلى المرحلة التي يكون فيها هذا بعيداً من سيطرة أي شخص"، مضيفاً: "لا توجد مجموعة من المورّدين يمكنها تعويض ذلك من خلال تخفيضات الإنتاج".
الأسوأ على الطريق
التدهور الدراماتيكي لأسعار النفط تخلله انخفاض خام "برنت" في لندن إلى أدنى مستوياته منذ 21 عاماً تقريباً، حيث انحدرت عقوده الآجلة، تسليم يونيو/ حزيران، إلى نحو 17 دولاراً، بينما فقد خام غرب تكساس الوسيط في نيويورك نصف قيمته تقريباً، يوم الثلاثاء، بينما تستمر الأسعار في الانهيار وسط مخاوف من أن التخمة الهائلة التي دفعت برميل غرب تكساس إلى أدنى مستوى عند ناقص 40.32 دولاراً، يوم الإثنين، سوف تزداد سوءاً.
وتراجعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت تسليم يونيو/ حزيران ظهر أمس الأربعاء بنسبة 11.05% أو 1.83 دولار إلى 17.72 دولاراً للبرميل مدفوعة بالمخاطر الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، وأثرها في ضعف الطلب على الخام. بينما تراجعت أسعار العقود الآجلة للخام الأميركي غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.7% أو 12 سنتاً إلى 11.4 دولارا للبرميل.
العربي الجديد
تقرير صادر عن شبكة "بلومبيرغ" الأميركية لاحظ أن أكثر محاولة طموحة على الإطلاق لإنقاذ صناعة النفط العالمية قد اجتاحتها موجة وحشية من تدمير الطلب على البترول، وتمثل ذلك قبل أقل من أسبوعين، بتوافق أكبر منتجي العالم على خفض الإنتاج أملاً في الدفاع عن أسواق الطاقة ضد ويلات تفشي فيروس كورونا، في صفقة سهّلتها ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
لكن رغم ذلك، فإن الهبوط التاريخي يوم الإثنين، الذي انخفضت فيه أسعار النفط الخام إلى ما دون الصفر في الولايات المتحدة، جعل "أوبك" وشركاءها يدركون بشكل مؤلم حدود سلطاتهم، لدرجة أن بعض الدول في المجموعة تبحث بشكل يائس عن أي خطوات إضافية قد تتخذها لوقف التدهور، غير أن لديها قليلاً من الخيارات، وهو ما حصل عملياً في مشاورات أُجريت بين بعض المنتجين، يوم الثلاثاء، في محاولة لتعجيل تطبيق اتفاق خفض الإنتاج الأخير.
وفي هذا السياق، تقول رئيسة استراتيجية السلع في شركة "آر.بي.سي كابيتال ماركتس" RBC Capital Markets، هيليما كروفت، إن "أوبك+ تنخرط حالياً في محادثات جدية لإدارة الأزمة"، لكن، مع ذلك "ليس هناك الكثير مما يمكن لأوبك+ القيام به لوقف انهيار الطلب".
ومن الخيارات ما اقترحته الجزائر، التي تتولى الرئاسة الدورية لمنظمة "أوبك"، من تعجيل خفض الإمدادات الذي توافق المنتجون على أن يبدأ في الأول من مايو/ أيار المقبل، بحيث يدخل الاتفاق حيّز التنفيذ فوراً، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على الأجواء. لكن لم يكن هناك ما يشير إلى أن هذه الخطوة كانت مدعومة من قبل الأعضاء الرئيسيين في "أوبك"، أو أنها ستُحدث، في حال القيام بها، فرقاً كبيراً في هذه المرحلة.
وبالفعل، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر، أن المؤتمر الهاتفي، الذي عُقد يوم الثلاثاء، شاركت فيه دول أعضاء من "أوبك" هي الجزائر ونيجيريا وفنزويلا والعراق، إلى جانب عضوين من خارج المنظمة هما كازاخستان وآذربيجان، بينما لم يشارك فيه منتجون رئيسيون كالسعودية والإمارات والكويت، ولم يكن متوقعاً أصلاً أن يتخذ قرارات، بحسب المصادر.
ومع أن تخفيضات الإنتاج التي تعهدت بها "أوبك+" كانت كبيرة تاريخياً، فهي أقل بقليل من 10 ملايين برميل في اليوم أو حوالى 10% من العرض العالمي، إلا أنها تتضاءل تماماً قياساً بضخامة خسارة الطلب. إذ وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، سينخفض الاستهلاك بمقدار 29 مليون برميل يومياً في إبريل/ نيسان الجاري، اي أكثر من كل الخام الذي يضخه أعضاء "أوبك" الـ13.
اقــرأ أيضاً
إيران تقلّل من تأثير انهيار النفط على اقتصادها
الرئيس التنفيذي السابق لشركة النفط الإيطالية "إيني إس.بي.إيه" Eni SpA، باولو سكاروني، قال عن اتفاق "أوبك+" في مقابلة تلفزيونية مع "بلومبيرغ": "لقد فات الأوان، الاتفاق كان إنجازاً بسيطاً للغاية".
فقدان السيطرة
في حين قالت السعودية وروسيا، الأسبوع الماضي، إنهما "على استعداد لاتخاذ مزيد من الإجراءات" إذا لزم الأمر، فإن من غير الواضح ما إذا كانت لديهما فعلاً الشهية، أو القدرة، على التعمّق أكثر في الوقت الحالي.
إذ إن الاتفاق الحالي يتطلب تضحيات كبيرة من الرياض، وتقليص إنتاجها إلى أدنى مستوياته منذ عام 2011، ومن المحتمل أن تقدّم لمنافسيها في قطاع النفط الصخري الأميركي شريان حياة بارتفاع الأسعار، إذا حصل.
وبالنسبة لبقية المنتجين المنخرطين في الاتفاق، مثل روسيا والعراق، فمن غير المؤكد إلى حد كبير، ما إذا كانوا سينفذون حتى قيود العرض الطموحة المتفق عليها أصلاً، ناهيك عن الالتزام بمزيد من التخفيضات، لا سيما أنه كان للمصدرين سجل حافل في تنفيذ اتفاقيات "أوبك+" على مدى السنوات الثلاث المنصرمة.
اقــرأ أيضاً
أسعار برنت تهبط 11% والأميركي قرب 11 دولاراً للبرميل
وبدلاً من تكثيف جهودها، قد تحتاج "أوبك" وشركاؤها ببساطة إلى الالتزام بالخطة المتفق عليها والتغلب على العاصفة، بحسب "بلومبيرغ"، بما سيؤدي إلى تحميل عبء التعديل على المنتجين الآخرين، مثل الولايات المتحدة والبرازيل وكندا، الذين عرضوا حتى الآن على "أوبك+" أكثر بقليل من الدعم المعنوي.
وفي هذا الإطار، يقول محلل النفط في "مورغان ستانلي"، مارتين راتس، في مقابلة تلفزيونية مع "بلومبيرغ": "لقد وصلنا إلى المرحلة التي يكون فيها هذا بعيداً من سيطرة أي شخص"، مضيفاً: "لا توجد مجموعة من المورّدين يمكنها تعويض ذلك من خلال تخفيضات الإنتاج".
الأسوأ على الطريق
التدهور الدراماتيكي لأسعار النفط تخلله انخفاض خام "برنت" في لندن إلى أدنى مستوياته منذ 21 عاماً تقريباً، حيث انحدرت عقوده الآجلة، تسليم يونيو/ حزيران، إلى نحو 17 دولاراً، بينما فقد خام غرب تكساس الوسيط في نيويورك نصف قيمته تقريباً، يوم الثلاثاء، بينما تستمر الأسعار في الانهيار وسط مخاوف من أن التخمة الهائلة التي دفعت برميل غرب تكساس إلى أدنى مستوى عند ناقص 40.32 دولاراً، يوم الإثنين، سوف تزداد سوءاً.
وتراجعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت تسليم يونيو/ حزيران ظهر أمس الأربعاء بنسبة 11.05% أو 1.83 دولار إلى 17.72 دولاراً للبرميل مدفوعة بالمخاطر الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، وأثرها في ضعف الطلب على الخام. بينما تراجعت أسعار العقود الآجلة للخام الأميركي غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.7% أو 12 سنتاً إلى 11.4 دولارا للبرميل.
العربي الجديد